أما قوله : وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة فلأن هاشما والمطلب وعبد شمس بنو عبد مناف.
وقوله صلى الله عليه وسلم : إنّ بنى عبد المطلب لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام إشارة إلى أن الألفة في الجاهلية كانت من بنى هاشم وبنى المطلب في الشّعب ، وخرجت عنهم بنو عبد شمس إلى المباينة (١) ، فاتصلت القرابة الجاهلية بالمودّة ، فانتظما. وهذا يعضد أن بيان الله للأصناف بيان للمصرف وليس بيانا للمستحق.
المسألة السابعة ـ فأما الأربعة الأخماس فهي ملك للغانمين من غير خلاف بين الأمّة ، بيد أنّ الإمام إن رأى أن يمنّ على الأسرى بالإطلاق فعل ، وتبطل حقوق الغانمين فيهم لقوله صلى الله عليه وسلم : لو كان المطعم بن عدى حيّا وكلمني في هؤلاء [الثّنى] (٢) لتركتهم له ، وله أن ينفّل جميعهم ، ويبطل حقّ الغانمين بالقتال من غير خلاف ؛ وذلك بحكم ما يرى أنه نظر للمسلمين وأصلح لهم. وقد بينا ذلك في مسائل الخلاف.
المسألة الثامنة ـ أطلق الله القول في الأربعة الأخماس للغانمين تضمينا ، وبيّنه النبىّ صلى الله عليه وسلم ، ففاضل بين الفارس والراجل. واختلف الناس في ذلك على ثلاثة أقوال :
الأول ـ للفارس سهمان ، وللراجل سهم ؛ قاله أبو حنيفة.
الثاني ـ للفرس سهمان ، وللفارس سهم.
الثالث ـ يجتهد في ذلك الإمام ، فينفذ ما رأى منه. وقد رويت الروايتان عن النبىّ صلى الله عليه وسلم في حديثين.
والصحيح أن يعطى الفارس سهمين ، ويعطى للراجل سهم واحد ، وذلك لكثرة العناء ، وعظم المنفعة ، فجعل الله التقدير في الغنيمة بقدر العناء في أخذها حكمة منه سبحانه فيها.
المسألة التاسعة ـ ولا يفاضل بين الفارس والراجل بأكثر من فرس واحد ؛ وبه قال الشافعى.
وقال أبو حنيفة : يسهم لأكثر من فرس واحد ؛ لأنه أكثر غناء ، وأعظم منفعة ، وهذا فاسد لوجهين :
__________________
(١) في ا : المنافية.
(٢) ليس في ل.