وقد قال أصحاب الشافعى : خمس الخمس للرسول والأربعة أخماس من الخمس للأربعة أصناف المسمّين معه ، وله سهم كسائر سهام الغانمين إذا حضر الغنيمة وله سهم الصّفى (١) يصطفى سيفا (٢) أو خادما أو دابة.
فأما سهم القتال فبكونه أشرف المقاتلين ، وأما سهم الصفىّ فمنصوص له في السير ، منه ذو الفقار ، وصفية (٣) ، وغير ذلك.
وأما خمس الخمس فبحقّ التقسيم في الآية.
قال الإمام الفاضل (٤) أبو بكر بن العربي رضى الله عنه : قد بينّا الردّ عليه ، وأوضحنا أنّ الله إنما ذكر نفسه تشريفا لهذا المكتسب ، وأما رسوله فقد قال : إنما أنا قاسم ، والله المعطى. وقال : مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس ، والخمس مردود فيكم (٥) ، وقد أعطى جميعه وبعضه ، وأعطى منه للمؤلّفة قلوبهم ، وليسوا ممن ذكر الله في التقسيم ، وردّه على المجاهدين بأعيانهم تارة أخرى ؛ فدلّ على أن ذكر هذه الأقسام بيان مصرف ومحل ، لا بيان استحقاق وملك ؛ وهذا ما لا جواب عنه لمنصف.
وأما الصفي فحقّ في حياته ، وقد انقطع بعد موته إلّا عند أبى ثور ؛ فإنه رآه باقيا للإمام ، فجعله (٦) مجعل سهم النبي ، وهذا ضعيف ؛ والحكمة فيه أن الجاهلية كانوا يرون للرئيس في (٧) الغنيمة ما قال الشاعر (٨) :
لك المرباع منها والصّفايا |
|
وحكمك والنّشيطة والفضول (٩) |
فكان يأخذ بغير شرع ولا دين الربع من الغنيمة (١٠) ؛ ويصطفى منها ، ثم يتحكّم بعد الصفىّ في أى شيء أراد ، وكان ما شذّ منها له وما فضل من خرثىّ ومتاع (١١) ؛ فأحكم الله الدين بقوله (١٢) : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) وأبقى سهم الصفىّ لرسوله ،
__________________
(١) الصفي من الغنيمة : ما اختاره الرئيس لنفسه قبل القسمة.
(٢) في ل : صفيا.
(٣) هي صفية بنت حيي.
(٤) في ا : الحافظ ، وهو المؤلف.
(٥) في ل : عليكم.
(٦) في ل : يجعله.
(٧) في ل : من الغنيمة.
(٨) هو عبد الله بن عنمة الضبي ـ اللسان : نشط ـ يخاطب بسطام بن قيس.
(٩) النشيطة : ما أصاب الرئيس في الطريق قبل أن يصير إلى مجتمع الحي. والفضول : ما فضل من القسمة مما لا تصح قسمته على عدد الغزاة ، كالبعير والفرس ونحوهما (اللسان).
(١٠) في ا : الربع من القسمة.
(١١) الخرثى : أردأ المتاع وسقطه.
(١٢) الأنفال : ٤١