وأما سهم ذوى القربى فأصحّها أنهم بنو هاشم ، وبنو المطلب ، وسائر الأقسام صحيحة في الأقوال والتوجيه.
وقد روى عن ابن القاسم ، وأشهب ، وعبد الملك ، عن مالك ـ أنّ الفيء ، والخمس يجعلان في بيت المال ، ويعطى الإمام قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما.
وروى ابن القاسم ، عن مالك ـ أن الفيء والخمس واحد. وروى داود بن سعيد عن مالك عن عمه ، عن عمر بن عبد العزيز أنّ القرابة لا يعطون منه إلا بالفقر ، وهي :
المسألة الرابعة ـ قاله مالك : وبه أقول. وقد قال أبو حنيفة : لا يعطى القرابة إلا أن يكونوا فقراء ، فزاد الفقر على النص ، والزيادة عنده على النص نسخ ، ولا يجوز نسخ القرآن إلا بقرآن مثله أو بخبر متواتر.
فأما مالك فاحتجّ بأنّ ذلك جعل لهم عوضا عن الصدقة.
وقد قال عمر بن عبد العزيز قوله : (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) ، يعنى في سبيل الله. وهذا هو الصحيح كله.
والدليل عليه ما روى في الصحيح (١) أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سريّة قبل نجد ، فأصابوا في سهمانهم اثنى عشر بعيرا ، ونفّلوا بعيرا بعيرا.
وثبت عنه عليه السّلام أنه قال في أسارى بدر : لو كان المطعم بن عدىّ حيّا وكلمني في هؤلاء الثّنى (٢) لتركتهم له.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ردّ سبى هوازن وفيه الخمس.
وثبت في الصحيح عن عبد الله بن مسعود قال : آثر النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين أناسا في الغنيمة ، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل ، وأعطى عيينة مائة من الإبل ، وأعطى أناسا من أشراف العرب وآثرهم (٣) يومئذ في القسمة ، فقال رجل : والله إن هذه القسمة ما عدل فيها ، أو ما أريد بها وجه الله. فقلت : والله لأخبرنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم. فأخبرته ، فقال : يرحم الله أخى موسى ، لقد أوذى بأكثر من هذا فصبر.
__________________
(١) صحيح مسلم ١٣٦٨.
(٢) الناقة الطاعنة في السادسة والبعير ثنى ، والفرس الداخلة في الرابعة (القاموس).
(٣) أثرهم : فضلهم.