بأيديهم صوارم مرهفات |
|
وكل مجرّب خاظى (١) الكعوب |
بنو الأوس الغطارف وازرتها |
|
بنو النجار في الدّين الصليب |
فغادرنا أبا جهل صريعا |
|
وعتبة قد تركنا بالجبوب (٢) |
وشيبة قد تركنا في رجال |
|
ذوى حسب إذا نسبوا حسيب |
يناديهم رسول الله لمّا |
|
قذفناهم كباكب (٣) في القليب |
ألم تجدوا كلامي (٤) كان حقّا |
|
وأمر الله يأخذ بالقلوب |
فما نطقوا ، ولو نطقوا لقالوا |
|
صدقت ، وكنت ذا رأى مصيب |
الآية الثالثة ـ قوله تعالى (٥) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ. وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله : (زَحْفاً) ، يعنى متدانين ، والتزاحف هو التداني والتقارب ، يقول : إذا تداينتم وتعاينتم فلا تفرّوا عنهم ، ولا تعطوهم أدباركم ، حرّم الله ذلك على المؤمنين حين فرض عليهم الجهاد ، وقتل الكفار ؛ لعنادهم لدين الله ، وإبايتهم عن قول لا إله إلا الله. فأما المقدار الذي يكون هذا معه فسيأتى بيانه إن شاء الله تعالى.
المسألة الثانية ـ اختلف الناس : هل الفرار يوم الزّحف مخصوص بيوم بدر أم عام في الزحوف كلها إلى يوم القيامة؟
فروى عن أبى سعيد الخدري أنّ ذلك يوم بدر (٦) لم يكن لهم فئة إلا رسول الله ؛ وبه قال نافع ، والحسن ، وقتادة ، ويزيد بن أبى حبيب ، والضحاك.
ويروى عن ابن عباس وسائر العلماء أنّ الآية باقية إلى يوم القيامة ، وإنما شذ من شذّ بخصوص
__________________
(١) في ا : مجرد. وخاظى الكعوب : كعوبه غليظة صلبة.
(٢) الجبوب : وجه الأرض.
(٣) كباكب : جماعات.
(٤) في الديوان : حديثي.
(٥) الآية : ١٥ ، ١٦
(٦) العبارة في القرطبي أوضح ، إذ قال : إن ذلك خاص بأهل بدر ، فلم يكن لهم أن ينحازوا ، ولو انحازوا لانحازوا للمشركين ، ولم يكن في الأرض يومئذ مسلمون غيرهم ، ولا للمسلمين فئة إلا النبي (٧ ـ ٣٨١).