الآية الثانية ـ قوله (١) : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ ، وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ روى ابن عباس : لما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبى سفيان أنه مقبل من الشام ندب (٢) المسلمين إليهم ، وقال : هذه عير قريش فيها الأموال ، فأخرجوا إليها لعل الله أن ينفّلكموها ؛ فانتدب الناس ، فخفّ بعضهم ، وثقل بعضهم ؛ لأنهم لم يظنوا أن رسول الله يلقى حربا ، وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتجسّس الأخبار ، ويسأل من لقى من الرّكبان ؛ تخوّفا على أموال الناس حتى أصاب خبرا من بعض الركبان أنّ محمدا قد استنفر لك ، فحذر عند ذلك واستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري ، وبعثه إلى مكة ، وأمره أن يأتى قريشا يستنفرهم إلى أموالهم ، ويخبرهم أنّ محمدا قد عرض لها في أصحابه. فمضى ضمضم ، وخرج النبىّ صلى الله عليه وسلم في أصحابه وأتاه الخبر عن قريش بخروجهم ليمنعوا عيرهم ، فاستشار النبىّ صلى الله عليه وسلم الناس ، وأخبرهم عن قريش ؛ فقام أبو بكر فقال فأحسن ، وقام عمر فقال فأحسن ، ثم قام المقداد بن عمرو فقال : يا رسول الله ؛ امض لما أمرك الله فنحن معك ، والله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل : اذهب أنت وربك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون ، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون ، والذي بعثك (٣) بالحق لو سرت إلى برك الغماد ـ يعنى مدينة الحبشة ـ لجالدنا معك من دونه.
ثم قال الأنصار بعد (٤) : أن أمض يا رسول الله لما أمرت (٥) ، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك.
فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى التقى بالمشركين ببدر ، فمنعوا الماء ، والتقوا ، ونصر الله النبىّ وأصحابه ، فقتل من المشركين سبعين وأسر منهم سبعين ، وغنم المسلمون ما كان معهم.
__________________
(١) الآية السابعة.
(٢) ندب المسلمين : دعاهم.
(٣) في ا : بعثنا ـ تحريف.
(٤) في ل : بعده ، امض.
(٥) في ل : لما أمرك الله.