حمير رجلا من العدو ، فأراد سلبه ، فمنعه خالد ، وكان واليا عليهم ؛ فأخبر عوف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لخالد : ما منعك أن تعطيه سلبه؟ قال : استكثرته يا رسول الله. قال : ادفعه إليه. فلقى عوف خالدا فجرّه بردائه ، وقال : هل أنجزت (١) ما ذكرت لك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستغضب ، فقال : لا تعطه (٢) يا خالد. هل أنتم تاركو لي إمرتى. ولو كان السلب حقّا له من رأس الغنيمة لما ردّه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنها عقوبة في الأموال ، وذلك أمر لا يجوز بحال.
وقد ثبت أن ابن المسيّب قال : ما كان الناس ينفّلون إلّا من الخمس.
وروى عنه أنه قال : لا نفل بعد رسول الله. ولم يصح.
المسألة التاسعة ـ قال علماؤنا : النّفل على قسمين : جائز ومكروه ، فالجائز بعد القتال ، كما قال النبىّ صلى الله عليه وسلم يوم حنين : من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه.
والمكروه أن يقال قبل القتل : من فعل كذا وكذا فله كذا. وإنما كره هذا ؛ لأنه يكون القتال فيه للغنيمة.
وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : الرجل يقاتل للمغنم ، ويقاتل ليرى مكانه من في (٣) سبيل الله ؛ قال : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ، ويحق للرجل أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا وإن نوى في ذلك الغنيمة ؛ وإنما المكروه في الحديث أن يكون مقصده المغنم خاصة.
المسألة العاشرة ـ قال علماؤنا : قوله : (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) :
قوله : (لِلَّهِ) استفتاح كلام ، وابتداء بالحق الذي ليس وراءه مرمى ، الكل لله ، وقوله بعد ذلك : (وَالرَّسُولِ) قيل : أراد به ملكا. وقيل : أراد به ولاية قسم وبيان حكم.
والأول أصحّ لقوله صلى الله عليه وسلم : مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس ، والخمس مردود فيكم. وليس يستحيل أن يملكه الله لنبيه تشريفا وتقديما بالحقيقة ، ويرده رسول الله صلى الله عليه وسلم تفصلا على الخليقة.
__________________
(١) في ل : هل جحدت.
(٢) في ل : ألا تعطيه يا خالد.
(٣) في ل : أفي.