المسألة السابعة ـ قال علماؤنا : فسلّموا لرسول الله الأمر فيها ؛ فأنزل الله (١) : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ...) الآية. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس ، والخمس مردود فيكم. فلم يمكن بعد هذا أن يكون النفل من حقّ أحد ؛ وإنما يكون من حق رسول الله. وهو الخمس.
والدليل عليه الحديث الصحيح عن ابن عمر : خرجنا في سريّة قبل نجد ، فأصبنا إبلا ، فقسمناها ، فبلغت سهماننا أحد عشر بعيرا ، ونفّلنا بعيرا بعيرا ، فأما :
المسألة الثامنة ـ وهي سلب القتيل فإنه من الخمس عندنا ، وبه قال أبو حنيفة إذا رأى ذلك الإمام لغناء في المعطى ، أو منفعة تجلب ، أو ائتلاف يرغب.
وقال الشافعى : هو من رأس المال ؛ وظاهر القرآن يمنع من ذلك ؛ لأنه حق المالكين.
فأما الأخبار في ذلك فمتعارضة ، روى في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بسلب أبى جهل لمعاذ بن عمرو بن الجموح. وقال يوم حنين (٢) : من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه ، فأعطى السلب لأبى قتادة بما أقام من الشهادة ، وقضى بالسلب أجمع لسلمة ابن الأكوع يوم ذي قرد (٣).
قلنا : هذه الأخبار ليس فيها أكثر من إعطاء السلب للقاتل. وهل إعطاء ذلك له من رأس مال (٤) الغنيمة أو من حق النبي ـ وهو الخمس؟ ذلك إنما يؤخذ من دليل آخر.
وقد قسّم الله الغنيمة قسمة حق على الأخماس ، فجعل خمسها لرسوله ، وأربعة أخماسها لسائر المسلمين ، وهم الذين قاتلوا وقتلوا ، فهم فيها شرع سواء ، لاشتراكهم في السبب الذي استحقّوها به ؛ والاشتراك في السبب يوجب الاشتراك في المسبب ، ويمنع من التفاضل في المسبب (٥) مع الاستواء في السبب ؛ هذه حكمة الشرع وحكمه ، وقضاء الله في خلقه ، وعلمه الذي أنزله عليهم.
والذي يدلّ على صحة ما ذهبنا إليه ما روى مسلم أن عوف بن مالك قال : قتل رحل من
__________________
(١) سورة الأنفال ، آية ٤١.
(٢) في ل : خيبر.
(٣) ماء على ليلتين من المدينة.
(٤) في ل : قال علماؤنا : وهل أعطى ذلك له من رأس مال.
(٥) في ل : في السلب.