وروى أيضا ابن وهب عن مالك قال : سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عدّة المشركين يوم بدر : كم يطعمون كلّ يوم؟ فقيل له : يوما عشرا ويوما تسع جزائر (١). فقال : القوم ما بين الألف إلى التسعمائة.
وروى ابن القاسم عن مالك قال : لما كان يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أشيروا علىّ. فقام أبو بكر فتكلم ، ثم قعد. ثم قال : أشيروا علىّ ، فقام عمر فتكلم ، ثم قعد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أشيروا علىّ ، فقام سعد بن معاذ فقال : كأنك إيانا تريد يا رسول الله ، لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ، ولكن اذهب أنت وربّك فقاتلا إنا معكم متّبعون. لو أتيت اليمن لسللنا سيوفنا واتبعناك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذوا مصافّكم.
المسألة الخامسة ـ قال علماؤنا رحمهم الله ، هاهنا ثلاثة أسماء : الأنفال ، الغنائم ، الفيء.
فالنّفل : الزيادة كما بيّنا ، وتدخل فيه الغنيمة ؛ فإنها زيادة الحلال لهذه الأمة.
والغنيمة : ما أخذ من أموال الكفار بقتال.
والفيء : ما أخذ بغير قتال ؛ لأنه رجع إلى موضعه الذي يستحقّه ، وهو انتفاع المؤمن به.
المسألة السادسة ـ في محل الأنفال :
اختلف الناس فيها على ثلاثة أقوال :
الأول ـ محلها الخمس.
الثاني ـ محلها ما عاد من المشركين أو أخذ بغير حرب.
الثالث ـ رأس الغنيمة حسبما يراه الإمام.
قال القاسم بن محمد : قال ابن عباس : كان ابن عمر إذا سئل عن شيء قال : لا آمرك ولا أنهاك. فكان ابن عباس يقول : والله ما بعث الله محمدا إلا محلّلا ومحرّما قال القاسم: فسلط على ابن عباس رجل فسأله عن النّفل ؛ فقال ابن عباس : الفرس من النفل ، والسلاح من النفل. وأعاد عليه الرجل ، فقال له مثل ذلك حتى أغضبه. فقال ابن عباس : أتدرون
__________________
(١) جمع الجزور جزر وجزائر.