متعلّق القول الأول عموم الأمر بالسجود ، ومتعلّق القول الثاني عموم النهى عن الصلوات.
والقول الثاني أقوى ؛ لأنّ الأمر بالسجود عام في الأوقات ، والنهى خاص في الأوقات ، والخاصّ يقضى على العام.
وقد روى عن مالك في المدوّنة أنه يصلّيها ما لم تصفرّ الشمس ؛ وهذا لا وجه له عندي ، والله أعلم.
المسألة السابعة ـ سجدة الحج الثانية :
قال الشافعى وابن وهب عنه وغيرهما : هي عزيمة. وقال في المدوّنة وغيرها : إنها ليست سجود عزيمة ؛ لأنه خبر عن ركوع الصلاة وسجودها ؛ ودليلنا أنّ عمر سجد فيها وهو يفهم الأمر أقعد ، وبين قوم كانوا أفهم وأسدّ ؛ فبهم فاقتد.
المسألة الثامنة ـ قال الشافعى : يسجد في النمل عند [قوله] (١) : (وَما يُعْلِنُونَ) عند تمام الآية التي فيها الأمر. وقال مالك وأبو حنيفة : يسجد عند قوله : «العليم» (٢). الذي فيه تمام الكلام ، وهو أقوى.
المسألة التاسعة ـ سجدة «ص» عند الشافعى سجدة شكر ، وليست بعزيمة. وقد روى أبو داود والترمذي ، وخرّجه البخاري عن ابن عباس ، قال : سجدة «ص» ليست من عزائم السجود ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدها.
وقال مالك : هذا قول ابن عباس ، وهي عزيمة ؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال الله له : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) ، وقد روى أبو داود عن أبى سعيد الخدري أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم قرأ وهو على المنبر : ص ، فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه ، فلما كان يوم آخر قرأها ، فلما بلغ السجدة تشزّن (٣) الناس للسجود ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما هي توبة نبىّ ولكني رأيتكم تشزّنتم (٤) للسجود ، ونزل فسجد وسجدوا.
__________________
(١) من ل ، آية : ٧٤.
(٢) آية ٧٨.
(٣) تشزن : تأهب وتهيأ ، واستعد. وفي ل : تشوف.
(٤) في ل : تشوفتم.