فسجد الناس كلّهم ، منهم الراكب والساجد في الأرض ، حتى إنّ الراكب يسجد على ثوبه.
المسألة الرابعة ـ اختلف الناس في سجود التلاوة ؛ فقال مالك والشافعى : ليس بواجب.
وقال أبو حنيفة : هو واجب ، وهي مسألة مشكلة عوّل فيها أبو حنيفة على أنّ مطلق الأمر بالسجود على الوجوب. ولقوله صلى الله عليه وسلم : أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة.
والأمر على الوجوب ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحافظ عليها إذا قرأها. وعوّل علماؤنا على حديث عمر الثابت أنّ عمر قرأ سجدة وهو على المنبر ، فنزل فسجد فسجد الناس معه. ثم قرأ بها في الجمعة الأخرى ، فتهيأ الناس للسجود ، فقال : على رسلكم ، إن الله لم يكتبها علينا ، إلا أن نشاء. وذلك بحضرة الصحابة أجمعين من المهاجرين والأنصار ، فلم ينكر ذلك عليه أحد ، فثبت الإجماع (١) به في ذلك ؛ ولهذا حملنا جميع (٢) قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله على النّدب والترغيب.
وقوله صلى الله عليه وسلم : أمر ابن آدم بالسجود ، فسجد فله الجنة ـ إخبار عن السجود الواجب ؛ ومواظبة النبىّ صلى الله عليه وسلم تدلّ على الاستحباب.
وقد استوعبنا القول فيها في مسائل الخلاف.
المسألة الخامسة ـ لا بدّ فيها من الطهارة ؛ لأنها صلاة ، فوجبت فيها الطهارة ، كسجود الصلاة. وكذلك التكبير مثله ؛ فقد روى في الأثر عن ابن عمر أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد كبّر ، وكذلك إذا رفع كبّر.
واختلف علماؤنا هل فيها تحليل بالسلام أم لا؟ والصحيح أنّ فيها تحليلا [بالسلام] (٣) ؛ لأنه عبادة لها تكبير ، فكان فيها سلام ، كصلاة الجنازة ، بل أولى ؛ لأنّ هذا فعل وصلاة الجنازة قول.
المسألة السادسة ـ اختلف قول مالك في صلاتها في الأوقات المنهىّ عنها ؛ فإحدى الروايتين أنها تصلّى فيها ؛ وبه قال الشافعى.
الثانية : لا تصلّى ؛ وبه قال أبو حنيفة.
__________________
(١) في ل : فثبت له الإجماع.
(٢) في ل : جميعنا.
(٣) من ل.