وروى الترمذي وأبو داود ، عن عبادة بن الصامت ، قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ، فثقلت عليه القراءة ، فلما انصرف قال : إنى لا أراكم تقرءون وراء إمامكم. قال : قلنا : يا رسول الله ؛ إى والله. قال : فلا تفعلوا إلّا بأمّ القرآن ؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (١).
وقد روى الناس في قراءة المأموم خلف الإمام بفاتحة الكتاب أحاديث كثيرة ، أعظمهم في ذلك اهتبالا الدّارقطنى.
وقد جمع البخاري في ذلك جزءا ، وكان رأيه قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية ، وهي إحدى روايات مالك ، وهو اختيار الشافعى.
وقد روى مالك وغيره عن أبى هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأمّ القرآن فهي خداج (٢) ، فهي خداج ، فهي خداج ، غير تمام.
فقلت : يا أبا هريرة ؛ إنى أحيانا أكون وراء الإمام ، فغمز ذراعي ، وقل : اقرأ بها يا فارسي في نفسك ، فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (٣) : قال الله : قسمت الصلاة بيني وبين عبدى نصفين ، فنصفها لي ، ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل. قال رسول الله : اقرءوا ، يقول العبد : الحمد لله رب العالمين يقول الله : حمدنى عبدى. يقول العبد : الرحمن الرحيم. يقول الله : أثنى علىّ عبدى. يقول العبد : مالك يوم الدين. يقول الله: مجّدنى عبدى. يقول العبد : إياك نعبد وإياك نستعين ، فهذه الآية بيني وبين عبدى ، ولعبدي ما سأل. يقول العبد : اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. فهؤلاء لعبدي ، ولعبدي ما سأل.
وقد اختلفت في ذلك الآثار عن الصحابة والتابعين اختلافا متباينا ؛ فروى عن زيد ابن أسلم أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا ينهون عن القراءة خلف الإمام.
وقد روى عن ابن مسعود أنه صلى بأصحابه فقرأ قوم خلفه ، فقال : مالكم لا تعقلون؟ (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
__________________
(١) في ا : لمن لم يقرأ فيها بأم القرآن ، وانظر صحيح مسلم : ٢٩٧.
(٢) الخداج : النقصان.
(٣) صحيح مسلم : ٢٩٦