في ذلك من
الانتفاع ؛ والباري متقدّس عن ذلك كله ؛ فلا يجوز أن يعتبر به. وقد مهدناه في كتاب
المشكلين وفي كتاب الأصول.
المسألة الثانية ـ
اختلف العلماء في الكفار المتأوّلين على قولين : فمذهب شيخ السنة ، وإليه صغى
القاضي في أشهر قوليهما ـ أنّ الكفر يختصّ بالجاحد ، والمتأوّل ليس بكافر.
والذي نختاره كفر
من أنكر أصول الإيمان ، فمن أعظمها موقعا وأبينها منصفا ، وأوقعها موضعا ـ القول بالقدر ، فمن أنكره فقد كفر. وقد
بيّناه في كتاب المقسط والمشكلين.
المسألة الثالثة ـ
اختلف علماء المالكية في تكفيرهم على قولين : فالصريح من أقوال مالك تكفيرهم ، لقد
سئل عن نكاح القدرية ، فقال : قد قال الله : (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ
خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ). ومن قال من أصحابنا : إنّ ذلك أدب لهم ، وليسوا بكفار ،
أو حكى في ذلك غير ما أوردناه من الأقوال ؛ فذلك لضعف معرفته بالأصول ، فلا
يناكحوا ، ولا يصلّى عليهم ، فإن خيف عليهم الضّيعة دفنوا كما يدفن الكلب.
فإن قيل : وأين
يدفنون؟
قلنا : لا يؤذى
بجوارهم مسلم. وإن قدر عليهم الإمام استتابهم ، فإن تابوا وإلّا قتلهم كفرا.
الآية التاسعة
عشرة ـ قوله تعالى : (وَلِلَّهِ
الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي
أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
هذه آية عظيمة من
الآي التي جمعت العقائد والأعمال ، وقد كنّا تكلمنا عليها في مجالس أنوار الفجر
أزمنة كثيرة ، ثم أنعم الله بأن أخرجنا نكتها المقصودة من الوجهين جميعا في كتاب
الأمد الأقصى ، وفيها سبع مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله
: الأسماء :
حقيقة الاسم كلّ
لفظ جعل للدلالة على المعنى إن لم يكن مشتقا ، فإن كان مشتقا فليس باسم ، وإنما هو
صفة ، هذا قول النحاة. أخبرنا الأستاذ الرئيس الأجلّ المعظم فخر الرؤساء أبو
المظفر محمد بن العباس لفظا ، قال : سمعت الأستاذ المعظم عبد القاهر الجرجانى يقول
: سمعت
__________________