قال : هؤلاء ذريّتك. فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه. فقال : يا ربّ ، من هذا؟ قال : رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود. فقال : [رب] (١) ، كم جعلت عمره؟ قال : ستين سنة. قال : أى رب ، زده من عمرى أربعين سنة. فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت ، فقال : أو لم يبق من عمرى أربعين سنة؟ قال : أو لم تعطها ابنك داود؟ قال : فجحد آدم ، فجحدت ذريّته ؛ ونسى آدم فنسيت ذريته ؛ وخطىء آدم ، فأخطأت ذريته.
خرجه أبو عيسى وصحّحه ، ومن رواية غيره ، فمن حينئذ أمر بالكتاب والشهود.
وفي رواية : أنه رأى فيهم الضعيف ، والغنىّ والفقير ، والمبتلى والصحيح ، فقال له آدم : يا ربّ ؛ ما هذا؟ ألا سوّيت بينهم؟ قال : أردت أن أشكر.
وفي رواية أخرى : أنه أخرجهم من صلب آدم كهيئة الذّرّ ، ثم أخذ عليهم الميثاق ، ثم أعيدوا في صلبه.
وفي رواية أنّ عمر خطب بالجابية (٢) ، فقال : من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل (٣) فلا هادي له. فقال الجاثليق : تركست تركست. فقال الراوي : يقول معاذ الله ، لا يضلّ الله أحدا. فقال عمر : بل الله خلقك ثم أضلّك ، ثم يميتك ، ثم يدخلك النار ؛ والله لو لا ولث من (٤) عهدك لضربت عنقك. فقال : إنّ الله لما خلق نثر ذرية آدم في كفيه ، فقال : هؤلاء للجنة وما هم عاملون ، وهؤلاء للنار وما هم عاملون ، وهذه لهذه ، وهذه لهذه ؛ قال: فتفرق الناس. وما يختلف اثنان في القدر.
وفي رواية عن ابن عمر : خرج النبىّ صلى الله عليه وسلم وهو قابض على شيئين في يديه ، ففتح اليمين ، فقال : بسم الله الرحمن الرحيم ، كتاب من الرحمن الرحيم ، فيه أسماء أهل الجنة بأعدادهم وأعمالهم وأحسابهم ، فجمع عليهم إلى يوم القيامة ، لا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم ، وقد يسلك السعداء طريق أهل الشقاء حتى يقال : هم منهم. هم منهم ، ثم تدرك أحدهم
__________________
(١) من ل.
(٢) الجابية : قرية من أعمال دمشق. وبالقرب منها تل يسمى تل الجابية ، قال في ياقوت : وفي هذا الموضع خطب عمر بن الخطاب خطبته المشهورة (جابية).
(٣) في ل : ومن يضلل الله.
(٤) الولث : العهد غير المحكم والمؤكد ، هكذا فسره الأصمعى. وقال غيره : الولث : العهد المحكم. وقيل : الولث الشيء اليسير من العهد (النهاية).