المسألة الثالثة ـ قوله تعالى : (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) :
يعنى بحقّها (١) من توحيد الله والتصديق له ؛ فإن الله ينعم ويرزق ؛ فإن وحّده المنعم عليه وصدّقه فقد قام بحقّ النعمة ، وإن كفر فقد أمكن الشيطان من نفسه. وفي الحديث الصحيح : لا أحد أصبر على أذى من الله ، يعاقبهم ويرزقهم وهم يدعون له الصاحبة والولد.
المسألة الرابعة ـ قوله تعالى : (خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) :
يعنى أن الكفار يشركون المؤمنين في استعمال الطيبات في الدنيا. فإذا كان في القيامة خلصت للمؤمنين في النعيم ، وكان للكفار العذاب الأليم.
الآية السادسة ـ قوله (٢) : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ قد قدّمنا ذكر الفواحش في سورة النساء ، وأما ما ظهر منها وما بطن ـ وهي :
المسألة الثانية ـ فإنّ كلّ فاحشة ظاهرة للأعين ، أو ظاهرة بالأدلة ، كما ورد النصّ فيه أو وقع الإجماع عليه ، أو قام الدليل الجلىّ به ، فينطلق عليها اسم الظاهرة.
والباطنة : كلّ ما خفى عن الأعين ، ويقصد به الاستتار عن الخلق ؛ أو خفى بالدليل ؛ كتحريم نكاح المتعة والنبيذ على أحد القولين ونحو ذلك في الصنفين ؛ فإن النبيذ وإن كان مختلفا فيه فإنّ تحريمه جلىّ في الدليل ، قوىّ في التأويل. وفي الحديث الصحيح : لا أحد أغير من الله. ولذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
المسألة الثالثة ـ قوله : (الْإِثْمَ) :
وهو عبارة عن الذمّ الوارد في الفعل ، أو الوعيد المتناول له ؛ فكلّ مذموم شرعا أو فعل وارد على الوعيد فيه ، فإنه محرّم وهو حدّ المحرم وحقيقته. وأما البغي ، وهو :
المسألة الرابعة ـ فهو تجاوز الحدّ ، ووجه ذكرهما بعد دخولها في جملة الفواحش ؛ للتأكيد لأمرهما بالاسم الخاص بعد دخولهما في الاسم العام قصد الزّجر ، كما قال تعالى(٣) : (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) ؛ فذكر النخل والرمان بالاسم الخاص بعد دخولهما في الاسم العام على معنى الحث.
__________________
(١) في ل : فحقها.
(٢) الآية الثالثة والثلاثون.
(٣) سورة الرحمن ، آية ٦٨