قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله : (زِينَةَ اللهِ) :
فيه ثلاثة أقوال :
الأول ـ ستر العورة ؛ إذ كانت العرب تطوف عراة ، إن كانت لا تجد من يعيرها من الحمس.
الثاني ـ جمال الدنيا في ثيابها وحسن النظرة (١) في ملابسها ولذّاتها.
الثالث ـ جمع الثياب عند السعة في الحال ، كما روى عن عمر بن الخطاب أنه قال: إذا وسّع الله عليكم فأوسعوا. جمع رجل عليه ثيابه ، وصلّى رجل في إزار أو رداء (٢) ، في إزار وقميص ، في إزار وقباء ، في سراويل ورداء ، في سراويل وقميص ، في سراويل وقباء ، في تبّان وقباء ، في تبّان (٣) وقميص. وأحسبه قال في تبان ورداء. والتّبّان : ثوب يشبه السراويل فسّره أبو علىّ القالي كذلك ، وعليه نقل الحديث ؛ فلعله أخذه منه ، فكثيرا ما يفسر الأعرابيون من لحن الحديث ما لم يجدوه في العربية ، وهو الذي امتنّ به في قوله (٤) : (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً) ، وهي الآية الخامسة ، ولو لا وجوب سترها ما وقع الامتنان باللباس الذي يواريها.
فإن قيل : إنما وقع الامتنان في سترها لقبح ظهورها.
قلنا : ماذا يريدون بهذا القبح؟ أيريدون به قبحا عقلا ، فنحن لا نقبّح بالعقل ، ولا نحسّن ؛ وإنما القبيح عندنا ما قبّحه الشرع ، والحسن ما حسّنه الشرع.
المسألة الثانية ـ قوله : (وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) :
قيل : هي الحلال. وقيل : هي اللذات ، وكلّ لذة وإن لم تكن محرّمة فإنّ استدامتها والاسترسال عليها مكروه ، ويأتى بيانه إن شاء الله.
__________________
(١) في ل : المنظر.
(٢) في ا : ورداء.
(٣) التبان : سروال صغير يستر العورة المغلظة (القاموس).
(٤) الآية السادسة والعشرون من هذه السورة.