فيمسكن علىّ ، وأذكر الله تعالى. فقال : إذا أرسلت كلبك [المعلم] (١) وذكرت اسم الله فكل مما أمسك عليك ؛ فإنّ ذكاته أخذه وإن قتل ، ما لم يشركه كلب آخر. قال : وإن أدركته حيّا فاذبحه ، وإن وجدت مع كلبك كلبا غيره وقد قتل فلا تأكل [منه] (٢) ؛ فإنك لا تدرى أيهما قتله. وعند جميعهم : فإن أكل فلا تأكل فإنى أخاف أن يكون أمسك على نفسه.
وروى أبو داود عن أبى ثعلبة أنه قال : وإن أكل منه؟ قال : وإن أكل منه. وروى جميعهم عنه نحو الأول عن عدىّ. وفيه : فإن صدت بكلب غير معلم فأدركت ذكاته فكلّ. فقد فسرت هذه الأحاديث التكليب والتعليم ، وهي :
المسألة الخامسة ـ فإنه قال فيه : إذا أرسلت كلبك المعلم ، وذكرت اسم الله فكل مما أمسك عليك. والمعلم : هو الذي إذا أشليته (٣) انشلى ، وإذا زجرته انزجر ، فهذا ركن التعليم ، وقد حققناه في المسائل. فلو استرسل على الصيد بنفسه ، ثم أغراه صاحبه ففيها روايتان : إحداهما ـ يؤكل ؛ وبه قال أبو حنيفة. والثانية ـ لا يؤكل. والصحيح جواز أكلها ؛ لأنه قد أثر فيه الإنشاء وانزجار عند الانزجار ، والقول الأول (٤) ضعيف.
المسألة السادسة ـ النية شرط في الصيد ؛ لقوله صلّى الله عليه وسلم : إذا أرسلت كلبك المعلّم ، وذكرت اسم الله عليه. فاعتبر الاسترسال منه والذّكر ؛ ولذلك قلنا : إنه إذا استرسل بنفسه ثم أغراه فغرى في سيره : إنها نية أثّرت في الكلب ، فإنه عاد إلى رأى صاحبه بعد أن كان خرج (٥) لنفسه.
المسألة السابعة ـ إن أكل الكلب ففيها روايتان :
إحداهما ـ أنها لا تؤكل ، وبه قال أبو حنيفة (٦). وللشافعي قولان : أحدهما ـ مثله ، والثاني ـ يؤكل. والروايتان مبنيتان على حديثي عدىّ وأبى ثعلبة. وحديث عدىّ أصح ، وهو الذي يعضّده ظاهر القرآن ، لقوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ).
__________________
(١) من ل ، ومسلم.
(٢) أشليت : إذا دعوته إليك (النهاية).
(٣) في ل : الآخر.
(٤) في ا : جرح.
(٥) في أحكام الجصاص (٣ ـ ٣١٠) : قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر : إذا أكل الكلب من الصيد فهو غير معلم لا يؤكل صيده.