فإن الكلّ من الإنسان لله أصل ووصف ، وظاهر وباطن ، واعتقاد وعمل ، وابتداء وانتهاء ، وتوقّف وتصرف ، وتقدم وتخلّف ، لا شريك له فيه ، لا منه ولا من غيره يضاهيه أو يدانيه.
المسألة الثانية ـ ثبت في الحديث الصحيح أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفتح به صلاته ، وثبت أنه كان يقول في استفتاحها أيضا : سبحانك اللهم وبحمدك.
واختلف قول مالك بذلك ؛ فقال ابن القاسم : لم ير مالك هذا الذي يقوله الناس قبل القراءة : سبحانك اللهمّ وبحمدك.
وفي مختصر ما ليس في المختصر أن مالكا يقول : وإنما كان يقول في خاصته لصحة الحديث به ؛ وكان لا يريه (١) للناس مخافة أن يعتقدوا وجوبه.
ورآه الشافعى من سنن الصلوات (٢) ، وهو الصواب ؛ لصحة الحديث. والله أعلم.
المسألة الثالثة ـ إذا قلنا إنه يقولها في افتتاح الصلاة على الوجه المتقدم ، فإنه يقول في آخرها : وأنا من المسلمين ، ولا يقول : وأنا أول المسلمين ؛ إذ ليس أحد بأولهم إلا محمد صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل : أو ليس إبراهيم قبله؟ قلنا : عنه أجوبة ، أظهرها الآن أنه أول المسلمين من أهل ملّته. والله أعلم.
الآية الثامنة عشرة ـ قوله تعالى (٣) : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ استدلّ بعض علمائنا المخالفين على أنّ بيع الفضولىّ لا يصحّ (٤) بقوله : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها).
وعارضهم علماؤنا بأن المراد بالآية تحمّل الثواب والعقاب دون أحكام الدنيا.
__________________
(١) في ا : لا يراه.
(٢) في ا : الصلاة.
(٣) الآية الرابعة والستون.
(٤) وهو قول الشافعى (القرطبي : ٧ ـ ١٥٦).