وزور ، ومنهم (١) من لا يعلمه ، وهم الأتباع لرؤسائهم وأهل الغفلة منهم ، وهم الأكثر ؛ والعذاب يشركهم ، ويعمّهم ، والعناد أعظم عذابا.
الآية الثانية والثلاثون ـ قوله تعالى (٢) : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ في ارتباطها بما قبلها :
وذلك بيّن ؛ فإنّ الله تعالى أخبر عن جهالة العرب فيما تحكّمت فيه بآرائها السقيمة (٣) في البحائر والسّوائب والحوامي ، واحتجاجهم في ذلك بأنه أمر وجدوا عليه آباءهم ؛ فاتبعوهم في ذلك ، وتركوا ما أنزل الله على رسوله وأمر به من دينه.
المسألة الثانية ـ قد قدّمنا أن العقول لا حكم لها بتحسين ولا تقبيح ، ولا تحليل ولا تحريم ؛ وإنما ذلك إلى الشرع ؛ إذ العقول لا تهتدى إلى المنافع التي ترشد من ضلال الخواطر ، وتنجّى من أهوال الآخرة بما لا يهتدى العقل إلى تفصيله ، ولا يتمكن من تحصيله ، فكيف أن تغيّر ما مهّده الشرع ، وتبدّل ما سنّه وأوضحه ، وذلك [كله] (٤) من غرور الشيطان ووساوسه ، وتحكّمه على الخلق بالوعد الصادق : لأجلبنّ عليهم ولأشاركنهم ولأعدنّهم.
قال الله عزّ وجل (٥) : (وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً).
المسألة الثالثة ـ تعلّق قوم بهذه الآية في ذمّ التقليد ، وقد ذكر الله سبحانه ذمّ الكفار باتباعهم لآبائهم بالباطل (٦) ، واقتدائهم بهم في الكفر والمعصية في مواضع من القرآن.
وأكّد النبىّ صلى الله عليه وسلم ذلك ؛ وإنما يكون كما فسرناه في الباطل. فأما التقليد في الحق فأصل من أصول الدين ، وعصمة من عصم المسلمين يلجأ إليها الجاهل المقصّر عن درك النظر.
__________________
(١) في ل : منه.
(٢) الآية الرابعة بعد المائة.
(٣) في ل : السفيهة.
(٤) ليس في ل.
(٥) سورة الإسراء ، آية ٦٤.
(٦) في ل : في الباطل.