جواب خامس ـ وذلك أن أبا حنيفة ناقض ، فقال : إذا أوصى بالحبس جاز ، وهذه المناقضات الخمس لا جواب له عنها إلا وينعكس عليهم (١) في مسألتنا ، ولهم آثار لم نرض ذكرها لبطلانها.
المسألة الخامسة ـ في عتق السائبة :
قال أصبغ ، عن ابن القاسم في العتبية : أكره عتق السائبة ؛ لأنه كهبة الولاء.
وقال عيسى : أكرهه وأنهى عنه.
قال سحنون : لا يعجبنا كراهيته له ، وهو جائز ، كما يجوز أن يعتق عن غيره ـ يريدان : ولا يكون ذلك هبة للولاء ، كذلك في السائبة ، وهذا الذي قالاه صحيح على تعليله. وأما لو علل الكراهة بأنها لفظة مذمومة شرعا ، فلا يتقرب بها ؛ إذ له في غيرها من ألفاظ العتق في كناياته وصرائحه مندوحة لكان له وجه ، وتبينت المسألة ؛ وبالكراهة أقول للمعنى الذي نبهت عليه.
المسألة السادسة ـ في تصويره : وهو أن يقول (٢) للعبد : أنت سائبة ، وينوى العتق.
أو يقول : أعتقك سائبة.
فقال علماؤنا : ولاؤه للمسلمين ، وبه قال عمر ، وابن عمر ، وابن عباس ، وابن شهاب ، رواه عنه (٣) ابن القاسم ومطرف.
وقال الشافعىّ وأبو حنيفة : ولاؤه لمعتقه ، وبه قال عمر بن عبد العزيز ، وابن نافع ، وابن الماجشون.
وجه الأول أنّ اللفظ يقتضى أن يزول عنه الملك واليد ويبقى كالجمل المسيّب الذي لا يعرض له ، ولو تعيّن الولاء لأحد لم يتحقق هذا المعنى.
ووجه الثاني ـ وبه أقول ـ أنه لا سائبة في الإسلام. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : الولاء لمن أعتق.
وتحقيق القول فيه أنه لم يعتق عن معيّن ، فلا يخرج الولاء عنه ، كما لو أطلق العتق.
المسألة السابعة ـ قوله تعالى : (وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) :
وهذا عامّ فيهم ، لكن افتراؤهم على قسمين منهم (٤) : افتراء معاند يعلم أن هذا كذب
__________________
(١) في ل : عليه.
(٢) في ل : يقال.
(٣) في ل : عن.
(٤) في ل : منه.