إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

أحكام القرآن [ ج ٢ ]

أحكام القرآن [ ج ٢ ]

171/522
*

وفيها قولان : أحدهما أنها سميت كعبة لتربّعها ؛ قاله مجاهد وعكرمة.

الثاني ـ أنها سميت كعبة لنتوئها (١) وبروزها ؛ فكل ناتئ بارز كعب ، مستديرا كان أو غير مستدير ، وهذا هو الأصح ، يقال : كعب ثدي المرأة ؛ وهذه صفتها هنا ، وقد شرحنا أمرها في إيضاح الصحيحين.

المسألة الثالثة ـ قوله : (الْبَيْتَ الْحَرامَ) :

سمّاها الله سبحانه بيتا ؛ لأنها ذات سقف وجدار ، وهي حقيقة البيتية ، وإن لم يكن بها ساكن ؛ ولكن جعل لها شرف الإضافة بقوله (٢) : (أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ). وقال(٣) : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ). على ما يأتى بيانه إن شاء الله تعالى.

المسألة الرابعة ـ قوله : (الْحَرامَ) :

سمّاها الله سبحانه حراما بتحريمه إياها. قال النبىّ صلى الله عليه وسلم (٤) : إنّ مكة حرّمها الله ، ولم يحرّمها الناس ، فهي حرام بحرمة الله تعالى ، لا يحلّ لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما أو يعضد (٥) بها شجرا ، فإن أحد ترخّص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له : إن الله سبحانه أذن لرسوله ، ولم يأذن لكم ، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، وليبلغ الشاهد الغائب.

رواه الكل من الأئمة ، وثبت عنه في رواية الأئمة أنه قال صلى الله عليه وسلم في حجّة الوداع : أى شهر هذا؟ فسكتنا (٦) ، حتى ظننا أنه سيسمّيه بغير اسمه ، فقال : أليس ذا الحجة؟ قلنا : بلى. قال : أىّ بلد هذا؟ فسكتنا ، حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. فقال : أليس البلدة؟ يعنى قوله تعالى (٧) : (إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ).

وفي رواية أنه قال : أليس البلد الحرام؟ قلنا : الله ورسوله أعلم.

ومعنى قوله تعالى : حرّمها ؛ أى بعلمه وكتابه وكلامه وإخباره بتحريمها وخلقه لتحريمها ، كلّ ذلك منه صحيح ، وإليه منسوب.

__________________

(١) في ل : لثبوتها ، وهو تحريف.

(٢) سورة البقرة ، آية ١٢٥.

(٣) سورة الحج ، آية ٢٩.

(٤) صحيح مسلم : ٩٨٧.

(٥) يعضد : يقطع.

(٦) في ا : فسكت.

(٧) سورة النمل ، آية ٩١