الوجه ؛ فإن كلّ حكم علق بشرط لا يتكرر بتكرار الشرط ، فمن قال لزوجته : إن دخلت الدار فأنت طالق [فإن الطلاق] (١) لا يتكرر بتكرار الدخول ، فإن قام دليل على تكرار الحكم بتكرار الشرط فذلك مأخوذ من الدليل القائم عليه لا من جهة الشرط المضاف إليه ؛ كقوله تعالى (٢) : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ؛ فإنّ الوضوء يتكرر بتكرر القيام مع الحدث ، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : لا يقبل الله صلاة بغير طهور. وهاهنا تكرّر الإسم بتكرر الشرط ، بقوله : (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ، وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ). والنهى دائم (٣) مستمر عليه ، فالجزاء لأجل ذلك متوجّه لازم ذمّته.
فإن قيل : فقد قال : (عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) ، ولم يذكر جزاء ـ وهي :
المسألة الخامسة والثلاثون ـ قلنا : قوله سبحانه : (عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ) ، يعنى في الجاهلية لا الإسلام ، أو عمّا قبل بيان الحكم ؛ فإنّ الواقع قبله عفو (٤). وقوله تعالى : (وَمَنْ عادَ) ـ وهي :
المسألة السادسة والثلاثون ـ يعنى فينتقم الله منه ، وعليه بما تقدّم من الدليل الكفارة.
وقال ابن عباس : لا يحكم عليه مرتين في الإسلام ، وهذا لا يصحّ ؛ لما تقدّم من تمادى التحريم في الإحرام وتوجّه الخطاب عليه في دين الإسلام.
ووجه آخر من الدليل ، وهو قوله : (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً) ، يعنى وهو محرم ، (فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ).
وقد قال بقول ابن عباس الحسن وإبراهيم ومجاهد وشريح. ويروى عن سعيد بن جبير أنه سئل عن ذلك ، فقال : نعم نحكم عليه ، أفيخلع ـ يعنى يخرج ـ عن حكم المحرمين؟ كما قال مجاهد : إنه إذا قتله متعمّدا فقد حلّ إحرامه ؛ لأنه ارتكب محظورا [ينافي] (٥) عبادة فيها ، فأبطلها ، كما لو تكلم في الصلاة أو أحدث فيها.
ودليلنا أن الله تعالى أوجب الجزاء ولم يذكر الفساد ، وقد بيّنا في كتب المسائل
__________________
(١) من ل.
(٢) سورة المائدة ، آية ٦.
(٣) في ل : قائم.
(٤) في ل : حكم عفو.
(٥) من ل.