وقال أبو حنيفة : يصوم عن كل مدّين يوما اعتبارا بفدية الأذى. واعتبار الكفارة بالفدية (١) لا وجه له في الشريعة كما تقدم في نظرائه (٢).
المسألة الثالثة والثلاثون ـ قال بعض علمائنا : إنما يفتقر إلى الحكمين في موضعين ؛ في الجزاء من النّعم ، والإطعام ؛ وليس كذلك ؛ بل يحتاج إليهما في الحال كلها ، وهي تنحصر في مواضع سبعة :
الأول ـ هل يحكم في العمد والخطأ أو في العمد وحده؟
الثاني ـ هل يحكم في قتل الصيد في الحرم كما يكون في الإحرام؟
الثالث ـ هل يحكم بالجزاء حيوانا أو قيمة؟
الرابع ـ إذا رأى الحيوان جزاء عن حيوان. في تعيين الحيوان خلاف كثير لا بدّ من تسليط نظره عليه حسبما تقدّم من اختلاف العلماء فيه ؛ هل يستوي صغيره وكبيره كما قال مالك في الكتاب حين جعله كالدية أم لا؟ وهل يراعى صفاته أجمع حتى الجمال الحسن ، أم تراعى الأصول ، أو يراعى العيب والسلامة ، أو هما واحد؟ وهل يكون في النعامة بدنة كما في كتاب محمد وغيره؟ أم يكون فيها القيمة ؛ لأنها لا تقارب خلق البقر (٣) ولا تبلغ خلق الإبل؟
الخامس ـ هل الحيوانات كلها تجزئ أم بعضها؟
السادس ـ هل يقوّم المثل بالطعام أو بالدراهم؟
السابع ـ هل يكون التقويم بموضع الإصابة أم بموضع الكفارة؟
وهكذا إلى آخر فصول الاختلاف ، فيرفع الأمر إلى الحكمين حتى يخلص اجتهادهما ما يجب عليه من الوجوه المختلفة ، فيلزمه ما قالا. والله عز وجل أعلم.
المسألة الرابعة والثلاثون ـ إذا قتل محرم صيدا فجزاه. ثم قتله ثانية وجب عليه الجزاء.
قال علماؤنا لقوله تعالى : (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً) ، ولم يفصل بين المرة الأولى والثانية ، وممن تعلّق بهذا الدليل أحبار ممن لا يليق بمرتبتهم إيراد هذا الدليل على هذا
__________________
(١) في ل : بالقتل.
(٢) في ل : نظائره.
(٣) في ل : المعز.