في المسجد وإنما أراد الحرم ، ولهذا قال الشافعى : إن الصغير من الهدى يجب في الصغير من الصيد ، لأنه يبتاعه في الحرم ويهديه فيه.
وقال مالك : لا يكون الجزاء في الصغير إلا بالقيمة ؛ لأنّ الهدى الصغير لا يمكن حمله إلى الحرم ، وهذا لا يغنى ؛ فإنّ الصحابة قضت في الصغير صغيرا ، وفي الكبير كبيرا ، وإذا تعذر حمله إلى الحرم حملت قيمته ، كما لو قال بالمغرب : بعيري هذا هدى ، فإنه يباع ويحمل ثمنه إلى مكة ، وكذلك يجب أن يكون في صغير الهدى مثله.
وروى عن مالك : أنّ صغير الهدى مثل كبيره في القيمة ، كما أن صغير الآدمي مثل كبيره في الدية.
وهذا غير صحيح ؛ فإنّ الدية مقدرة جبرا ، وهذا مقدر نظرا ، يحكم به ذوا عدل منكم ، فافترقا.
المسألة الرابعة والعشرون ـ قوله تعالى : (أَوْ كَفَّارَةٌ) :
سمّاه بها ليبين أنّ الطعام عن الصيد لا عن الهدى ، وليلحقها بأمثالها ونظائرها على ما يأتى بيانه إن شاء الله.
المسألة الخامسة والعشرون ـ قوله تعالى : (طَعامُ مَساكِينَ) :
قال ابن عباس : إذا قتل المحرم ظبيا ونحوه فعليه شاة تذبح بمكة ، فإن لم يجد فإطعام ستة مساكين ، فإن لم يجد فعليه صيام ثلاثة أيام ، فإن قتل أيلا (١) أو نحوه فعليه بقرة ، فإن لم يجد أطعم عشرين مسكينا ، فإن لم يجد صام عشرين يوما. وإن قتل نعامة أو حمارا فعليه بدنة من الإبل ، فإن لم يجد فإطعام ثلاثين مسكينا ، فإن لم يجد فصيام ثلاثين يوما ، والطعام [مدّ مدّ] (٢) لشبعهم.
وروى عنه أيضا : إن لم يجد جزاء قوّم الجزاء دراهم ، ثم قوّمت الدراهم حنطة ، ثم صام مكان كل نصف صاع يوما.
وقال : إنما أريد بالطعام الصوم ، فإذا وجد طعاما وجب جزاء.
__________________
(١) الأيل : الذكر من الأوعال ؛ كقنب ، وخلب ، وسيد ، كما في القاموس.
(٢) من القرطبي : ٦ ـ ٣١٥