أما العلّة فهي الفسق (١) بالإذاية ، وأما الأجناس فنبّه بكل مذكور على نوع من الجنس وذكر الكلب العقور ، وذلك مما يدخل تحته بعلة العقر الفهد والنمر والسبع ، ولا سيما بالنص عليه من طريق السجزى والترمذي.
والعجب من أبى حنيفة في أن يحمل التراب على البرّ بعلّة الكيل ، ولا يحمل السباع العادية على الكلب العقور بعلّة الفسق والعقر.
وأما الشافعىّ فإذا قلنا بأن لحمها لا يؤكل فهي معقورة لا جزاء فيها ؛ لأن ما لا يؤكل لحمه لا جزاء فيه كالخنزير.
وأما إن قلنا : إنها تؤكل ففيها الجزاء لأنها صيد مأكول.
وسيأتى القول في أكلها في سورة الأنعام إن شاء الله تعالى.
وتعلّق أبو حنيفة بأنه صيد تتناوله الآية بالنّهى والجزاء بعد ارتكاب النهى ؛ والدليل على أنه صيد أنه يقصد لأجل جلده ، والجلد مقصود في المالية ، كما أن اللحم مقصود في الأكل.
قلنا : لا تسمّى العرب صيدا إلّا ما يؤكل لحمه.
فإن قيل : بل كانت الحيوانات كلها عند العرب صيدا.
فإنها كانت تأكل كلّ ما دبّ ودرج ، ثم جاء الشرع بالتحريم ، فغيّر الشرع الأحكام دون الأسماء.
قلنا : هذا جهل عظيم ، إن الصيد لا يعرف إلا فيما يؤكل. وقولهم : إن الشرع غيّر الأحكام دون الأسماء ـ باطل ؛ لأنّ الأحكام تابعة للأسماء ، وقد روى ابن أبى عمار (٢) أنه قال لجابر بن عبد الله : الضبع أصيد هي؟ قال : نعم. قال : فيها جزاء؟ قال : نعم ، كبش.
وهذا يدلّ على أنه سأله عن جواز أكلها ، وبعد ذلك سأله عن جزائها.
المسألة الثامنة ـ قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) عامّ في الرجال والنساء ، لقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا). ولقوله : (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ). وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) : علم في النوعين.
__________________
(١) في ا : الفسيق! والفسوق : الخروج عن الاستقامة والجور. وإنما سميت هذه الحيوانات فواسق على الاستعارة لخبثهن. وقيل لخروجهن من الحرمة في الحل والحرم ؛ أى لا حرمة لهن بحال (النهاية).
(٢) في ل : ابن أبى عامر.