وقوله : (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) ، يقال : رجل حرام وامرأة حرام ، وجمع ذلك حرم ، كقولنا : قذال وقذل (١). وكذلك يدخل في عمومه الأحرار والعبيد ، وهي :
المسألة التاسعة ـ وقد بينا هذه المعاني في كتب الأصول.
المسألة العاشرة ـ قوله تعالى : (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً) فذكر الله سبحانه وتعالى المتعمّد في وجوب الجزاء خاصة ، وفي ذلك ثلاثة أقسام : متعمّد ، ومخطئ ، وناس ؛ فالمتعمّد هو القاصد للصيد مع العلم بالإحرام ، والمخطئ هو الذي يقصد شيئا فيصيب صيدا. والناسي هو الذي يتعمّد الصيد ولا يذكر إحرامه.
واختلف الناس في ذلك على ثلاثة أقوال (٢) :
الأول ـ أنه يحكم عليه في العمد والخطأ والنسيان ؛ قاله ابن عباس ، ويروى عن عمر وعطاء والحسن وإبراهيم النخعي والزهري.
الثاني ـ إذا قتله متعمّدا لقتله ، ناسيا لإحرامه ؛ فأما إذا كان ذاكرا لإحرامه فقد حلّ ولا حجّ له ، ومن أخطأ فذلك الذي يجزى.
الثالث ـ لا شيء على المخطئ والناسي ، وبه قال الطبري وأحمد بن حنبل في إحدى روايتيه.
واختلف الذين قالوا بعموم الكفّارة في توجيه ذلك على أربعة أقوال :
الأول ـ أنه ورد القرآن بالعمد ، وجعل الخطأ تغليظا ، قاله سعيد بن جبير.
والثاني ـ أنّ قوله : (مُتَعَمِّداً) خرج على الغالب ، فالحق به النادر ، كسائر أصول الشريعة.
الثالث ـ قال الزهرىّ : إنه وجب الجزاء في العمد بالقرآن ، وفي الخطأ والنسيان بالسّنة.
الرابع ـ أنه وجب بالقياس على قاتل الخطأ بعلّة أنها كفّارة إتلاف نفس ؛ فتعلّقت بالخطإ ، ككفّارة القتل ؛ وتعلق مجاهد بأنه أراد متعّمدا للقتل ناسيا لإحرامه ، لقوله بعد ذلك : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) ، ولو كان ذاكرا لإحرامه لوجبت عليه العقوبة لأول مرة.
__________________
(١) القذال ـ كسحاب : جماع مؤخر الرأس ، ومعقد العذار من الفرس خلف الناصية ، جمعه قذل وأقذلة (القاموس).
(٢) في القرطبي : على خمسة أقوال.