كمتروك التسمية عمدا على أحد القولين. وهذا كلّه متردّد على الآيات بحكم التعارض فيها.
والصحيح عندي جواز أكل صيده ، وأنّ الخطاب في الآية لجميع الناس محلّهم ومحرمهم ؛ ولأجل هذا قال قاضى القضاة ابن حبيب : إن معنى قوله : ليبلونّكم ، ليكلفنكم. ثم بيّن التكليف بعده فقال ؛ وهي :
الآية السادسة والعشرون ـ قوله تعالى (١) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ).
فيها ثمان وثلاثون مسألة :
المسألة الأولى ـ في سبب نزولها ، وقد تقدم (٢).
المسألة الثانية ـ في قوله : (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ) :
والقتل : كلّ فعل يفيت الروح ، وهو أنواع : منها الذّبح والنّحر ، والخنق والرضخ وشبهه ؛ فحرّم الله تعالى على المحرم في الصيد كلّ فعل يكون مفيتا للروح ، وحرّم في الآية الأخرى نفس الاصطياد ؛ فقال (٣) : (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) ؛ فاقتضى ذلك تحريم كل فعل يتعلق بعين الصيد ؛ لأنّ التحريم ليس بصفة للأعيان والذوات ، وإنما هو عبارة عن تعلّق خطاب الشارع (٤) بالأعيان ، فالمحرم (٥) هو المقول فيه : لا تقربوه ، والواجب هو المقول فيه : لا تتركوه ، كما بيّناه في أصول الفقه.
المسألة الثالثة ـ لما نهى الله سبحانه المحرم عن قتل الصيد على كل وجه وقع عاما. قال علماؤنا : لا يجوز ذبح المحرم للصيد على وجه التذكية ؛ وبه قال أبو حنيفة.
وقال الشافعى : ذبح المحرم للصيد ذكاة ؛ وتعلّق بأنه ذبح صدر من أهله ، وهو المسلم ، مضافا إلى محله وهو الأنعام ، فأفاد مقصوده من حلّ الأكل من أصله ذبح الحلال.
__________________
(١) الآية الخامسة والتسعون.
(٢) في صفحة ٦٥٦
(٣) الآية السادسة والتسعون من المائدة ، وستأتى صفحة ٦٧٧
(٤) في ل : الشرع.
(٥) في ل : فالتحريم.