يتقذرها العبد ، فيكفّ عنها ، قربانا بالنجاسة وشربا بالتحريم ، فالحكم بنجاستها يوجب التحريم.
المسألة الرابعة ـ قوله تعالى : (فَاجْتَنِبُوهُ) :
يريد أبعدوه ، واجعلوه ناحية ؛ وهذا أمر باجتنابها ، والأمر على الوجوب لا سيما وقد علق به الفلاح.
الآية الثالثة والعشرون ـ قوله تعالى (١) : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ. وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ نزلت (٢) في قبيلتين من الأنصار شربوا الخمر وانتشوا ، فعبث بعضهم ببعض ، فلما صحوا ، ورأى بعضهم في وجه بعض آثار ما فعلوا ، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن ، فجعل الرجل يقول : لو كان أخى بي رحيما ما فعل هذا بي ، فحدثت بينهم الضغائن ، فأنزل الله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ...) الآية.
المسألة الثانية ـ قوله تعالى : (وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) : كما فعل بعلىّ ، وروى : بعبد الرحمن بن عوف ـ في الصلاة حين أمّ الناس ، فقرأ : قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون ، وأنا عابد ما عبدتم.
المسألة الثالثة ـ قوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) :
فقال عمر : انتهينا. حين علم أنّ هذا وعيد شديد ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم مناديه أن ينادى في سكك المدينة : ألا إن الخمر قد حرمت ؛ فكسرت الدّنان ، وأريقت الخمر حتى جرت في سكك المدينة ، وما كان خمرهم يومئذ إلا من البسر والتمر ، وهذا ثابت صحيح.
المسألة الرابعة ـ قوله تعالى : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا) :
وهذا تأكيد للتحريم ، وتشديد في الوعيد. قال : فإن تولّيتم فليس على الرسول
__________________
(١) الآية الواحدة والتسعون ، والثانية والتسعون.
(٢) والقرطبي : ٦ ـ ٢٩٢