عمر ، فقرئت عليه ، فقال : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت الآية التي في النساء (١) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) ؛ فدعى عمر ، فقرئت عليه ، فقال : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ...) ـ إلى قوله : (مُنْتَهُونَ) ؛ فدعى عمر ، فقرئت عليه ، فقال : انتهينا. انتهينا.
وروى أنّ الآية نزلت في ملاحاة جرت بين سعد بن أبى وقّاص ورجل من الأنصار. وهما على شراب لهما ، وقد انتشيا ، فتفاخرت الأنصار وقريش ، فأخذ الأنصارى لحي جمل فضرب به أنف سعد بن أبى وقاص ففزره (٢) ، فنزلت الآية.
وروى أن ذلك الأنصارى كان عتبان بن مالك ، روى ذلك الطبري والترمذي وغيرهما.
وهذا ليس بمتعارض ؛ لأنه يمكن أن يجرى بين سعد وبين عتبان ما يوجب نزول الآية كما روى الطبري ، فيدعى عمر فتقرأ عليه ، كما روى الترمذي.
المسألة الثانية ـ في تحقيق اسم الخمر والأنصاب والأزلام. وقد تقدم بيان ذلك في سورة البقرة (٣) ، وصدر هذه السورة.
وأما الميسر فهو شيء محرّم لا سبيل إلى عمله ، فلا فائدة في ذكره ؛ بل ينبغي أن يموت ذكره ويمحى رسمه.
المسألة الثالثة ـ في قوله تعالى : (رِجْسٌ) :
وهو النّجس ، وقد روى في صحيح حديث الاستنجاء أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم أتى بحجرين وروثة ، فأخذ الحجرين وألقى الرّوثة ، وقال : إنها ركس (٤) ، أى نجس.
ولا خلاف في ذلك بين الناس إلّا ما يؤثر عن ربيعة أنه قال : إنها محرمة ، وهي طاهرة ، كالحرير عند مالك محرّم ، مع أنه طاهر. وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، الرجس النّجس ، الخبيث المخبث.
ويعضد ذلك من طريق المعنى أنّ تمام تحريمها وكمال الرّدع عنها الحكم بنجاستها حتى
__________________
(١) آية ٤٣.
(٢) فزره : شقه.
(٣) صفحة ١٤٩.
(٤) هو شبيه المعنى بالرجيع (النهاية).