أو لعدم ذات اليد ؛ فإن كان لمغيب المال فحيث كان ثاويا (١) كان كعدمه ، وإن كان في بلد آخر ، ووجد من يسلفه لم يجزه الصوم ، وإن لم يجد من يسلفه اختلف فيه ؛ فقيل : ينتظر إلى بلده ، وذلك لا يلزمه ؛ بل يكفّر بالصيام في موضعه ، ولا ينبغي أن يلتفت إلى غيره ؛ لأن الوجوب قد تقرّر في الذمة ، والشرط من العدم قد تحقق ، فلا وجه لتأخير الأمر.
المسألة الثالثة والعشرون ـ في تحديد العدم :
قال سعيد بن جبير : من لم يجد : من لم يكن عنده إلا ثلاثة دراهم. وقال الحسن : درهمان. وقيل : من لم يكن له فضل عن رأس ماله الذي يعيش منه مع عياله فهو الذي لم يجد.
وقيل : من لم يكن له إلا قوت يومه وليلته ، وبه قال الشافعى واختاره الطبري ؛ فهذه أربعة أقوال ليس لواحد منها دليل يقوم عليه ، ولا سيما من قال بدرهم ودرهمين.
والذي عندي أنه إن لم يقدر أطعم كلّ يوم أو كل جمعة مسكينا حتى يتمّ كفارته.
وأما الكسوة فلا يعطيها إلا من كان له فوق قوت سنة.
وأما الرّقبة فقد تفطّن مالك للحق ، فقال : إن من لم يملك إلا رقبة أو دارا لا فضل (٢) فيهما ؛ أو عرضا ثمن رقبة لم يجزه إلا العتق ، فذكر الدار والعرض والرقبة.
وهذا يدلّ على أنّ هنالك رمقا ، لكن لم يذكر ما معه غيرهما ، هل يعتق الرقبة التي كانت تعيشه بخراجها وكسبها أم عنده فضل غيرها؟ فإن كانت الرقبة هي التي كانت تعيشه بخراجها فلا سبيل إلى عتقها.
وبالجملة المغنية عن التفصيل ذلك على التراخي ، وليس على الفور فليتريّث في ذلك حتى يفتح الله له أو يغلب على ظنّه الفوت أو يؤثر العتق ، أو الإطعام بسبب يدعوه إلى ذلك.
المسألة الرابعة والعشرون ـ قوله تعالى : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) :
قرأها ابن مسعود وأبىّ متتابعات (٣). وقال مالك (٤) والشافعى : يجزئ التفريق ؛ وهو الصحيح ؛ إذ التتابع صفة لا تجب (٥) إلا بنصّ أو قياس على منصوص ، وقد عدما في مسألتنا.
__________________
(١) ثاويا : مقيما.
(٢) الفضل : الزيادة.
(٣) والقرطبي : ٦ ـ ٢٨٣ ، وقال : وبه قال أبو حنيفة والثوري ، وهو أحد قولي الشافعى ، واختاره المزني قياسا على الصوم في كفارة الظهار.
(٤) في القرطبي : وقال مالك والشافعى في قوله الآخر.
(٥) في ل : لا تثبت. والمثبت في القرطبي أيضا.