عنه إلى المراغة؟ لا أفعله أبدا ؛ واقتفى أثر الكرىّ ، وحلّله من الكراء ، وصرف رحله. وأقام بها حتى مات رحمه الله.
المسألة الحادية عشرة ـ في الأفضل : من استمرار البر في اليمين أو الحنث إلى الكفارة: في صحيح مسلم (١) : لأن يلجّ أحدكم بيمينه في أهله (٢) آثم له عند الله من أن يعطى [عنها] (٣) كفارته التي فرض الله عليه.
وذلك يختلف بحسب اختلاف حال المحلوف عليه ؛ فإن حلف ألّا يأتى أمرا لا يجوز فالبرّ واجب لقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين حين نبذ خاتم الذهب من يده وقا : والله لا ألبسه أبدا. ونبذ الناس خواتيمهم.
وإن حلف على مكروه فالبرّ مكروه. وإن حلف على واجب عصى والحنث (٤) واجب. وإن حلف على مباح فإنه يجب النظر إليه : فإن كان تركه مضرا وجب عليه الحنث. وإن كان في فعله منفعة استحبّ له الحنث. وفيه جاء قوله : لأن يلجّ أحدكم في أهله بيمينه ... إلى آخره حسبما ثبت في الصحيحين.
المسألة الثانية عشرة ـ في تقديم الكفّارة على الحنث :
لعلمائنا روايتان : إحداهما يجوز ذلك له ؛ وبه قال الشافعى. وقال في الرواية الأخرى: لا يجوز ؛ وهو مذهب أبى حنيفة. والمسألة طيولية قد أفضنا فيها عند ذكرنا مسائل الخلاف بالتحقيق الكامل ، وهاهنا ما يحتمل بعض ذلك ، فنذكر منه ما يتعلّق بظاهر القرآن : قال ربنا سبحانه وتعالى : (ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ) ، فعلّق الكفارة على سبب ، وهو الحلف.
وقال بعض العلماء منّا ومنهم : معناه إذا حلفتم وحنثتم ؛ لأنّ الكفارة إنما هي لرفع الإثم ، وما لم يحنث لم يكن هنالك ما يرفع ، فلا معنى لفعلها ، لأنّ الكفارة لا ترفع المستقبل ، وإنما ترفع الماضي من الإثم ، فهذا الذي يقتضيه ظاهر قولنا : الكفارة ، وهو الذي أوجب أن تقدّر الآية بقوله : ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم وحنثتم.
__________________
(١) صحيح مسلم : ١٢٧٦ ، ويلج : معناه أن يحلف على شيء ، ويرى غيره خيرا منه فيقيم على يمينه ولا يحنث فيكفر ؛ فذلك آثم له (النهاية).
(٢) أى في قطيعتهم.
(٣) ليس في ل ، والقرطبي ، ومسلم.
(٤) في ا : والبر.