ودليله قوله صلى الله عليه وسلم : من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. فسمّى الحالف بغير الله حالفا.
وقد اتفق علماؤنا على أن من قال : إن دخلت الدار فعلىّ كفارة يمين ، أنه يلزمه ذلك ، ولكنه من جهة النّذر لا من جهة اليمين. والنذر يمين حقيقة ، ولأجله قال النبىّ صلى الله عليه وسلم : كفارة النّذر كفارة اليمين. وقد بيناه في مسائل الخلاف.
المسألة الرابعة ـ إذا قال : أقسمت عليك ، أو أقسمت ليكوننّ كذا وكذا فإنه يكون يمينا إذا قصد بالله. وبه قال أبو حنيفة.
وقال الشافعى : لا يكون يمينا حتى يذكر اسم الله تعالى ؛ قال : لأنه لم يحلف بالله ، فلا يكون يمينا.
قلنا : إن كان لم يتلفظ به فقد نواه ، واللفظ يحتمله ، فوجب أن يقضى به ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات ولكلّ امرئ ما نوى.
المسألة الخامسة ـ إذا حلف بالله تعالى أو بصفاته العليا (١) وأسمائه الحسنى فهي يمين.
وقال أبو حنيفة : إذا قال : وعلم الله لم يكن يمينا. وظن قوم ممن لم يحصل مذهبه أنه ينكر صفات الله تعالى ، وليس كما ظن ؛ لأنه قد قال : إذا حلف : وقدرة الله ـ كانت يمينا. وإنما الذي أوقعه في ذلك أنّ العلم قد ينطلق على المعلوم ، وهو المحدث ، فلا يكون يمينا ، وذهل عن أنّ القدرة أيضا تنطلق على المقدور ، وكلّ كلام له في المقدور فهو حجتنا في المعلوم. المسألة السادسة ـ لا ينعقد اليمين بغير الله وصفاته وأسمائه.
وقال أحمد بن حنبل : إذا حلف بالنبي انعقدت يمينه ولزمته الكفارة ؛ لأنه حلف (٢) بما لا يتم الإيمان إلا به ، فلزمته الكفارة ، كما لو حلف بالله ، ودليلنا قوله : من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ، ولأنّ هذا ينتقض بمن قال : وآدم وإبراهيم ، فإنه لا كفّارة عليه ، وقد حلف بما لا يتم الإيمان إلّا به.
المسألة السابعة ـ قوله تعالى : (عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) :
فيه ثلاث قراءات : عقّدتم بتشديد القاف ، وعقدتم بتخفيف القاف ، وعاقدتم بالألف.
__________________
(١) في ا : العلى.
(٢) في ا : لأنه لو حلف.