الآية الحادية والعشرون ـ قوله تعالى (١) : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
فيها سبع وعشرون مسألة :
المسألة الأولى ـ اليمين على ضربين : لغو ومنعقدة ، وقد بينا لغو اليمين في سورة البقرة (٢).
وأما اليمين المنعقدة فهي المنفعلة من العقد ، والعقد على ضربين : حسّى كعقد الجبل ، وحكمى كعقد البيع ؛ وهو ربط القول بالقصد القائم بالقلب ، يعزم بقلبه أوّلا متواصلا (٣) منتظما ، ثم يخبر عمّا انعقد من ذلك بلسانه.
فإن قيل : صورة اليمين اللّغو والمنعقدة على هذا واحدة ، فما الفرق بينهما؟
قلنا : قد آن الآن أن نلتزم بذلك الاحتفاء ، ونكشف عنه الخلفاء ، فنقول :
إن اليمين المنعقدة ما قلناه. واللغو ضده واليمين اللغو سبع (٤) متعلقات في اختلاف الناس : المتعلق الأول ـ اليمين مع النسيان ، فلا شكّ في إلغائها ؛ لأنه إذ قصد زيدا فتلفّظ بعمرو فلا شك في أنها جاءت على خلاف قصده ، فهي لغو محض. وأما من قال : إنه اليمين المكفّرة فلا متعلّق له يحكى.
والمتعلق الثالث (٥) ـ في دعاء الإنسان على نفسه إن لم يكن كذا ، فينزل به كذا ، فهذا قول لغو في طريق الكفارة ، ولكنه منعقد في العقد مكروه ، وربما يؤاخذ به ؛ فإن النبىّ صلى الله عليه وسلم قال : لا يدعون أحدكم على نفسه ، فربما صادف ساعة لا يسأل الله فيها أحد شيئا إلا أعطاه إياها.
والمتعلق الرابع ـ في يمين المعصية باطل ؛ لأنّ الحالف على ترك المعصية تنعقد يمينه عبادة ،
__________________
(١) الآية التاسعة والثمانون.
(٢) آية ٢٢٥ صفحة ١٧٦.
(٣) في ل : متصلا.
(٤) لم يذكر إلا خمسة.
(٥) هكذا بالأصول.