المسألة السابعة ـ قوله تبارك وتعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) ، وذكر العين والأنف والأذن والسنّ وترك اليد ، فقيل في ذلك ثلاثة معان :
الأول ـ أنّ ذلك لأنّ اليد آلة بها يفعل [كلّ] ذلك.
الثاني ـ أنّ ذلك لاختلاف حال اليدين ، بخلاف العينين والأذنين ؛ فإنّ اليسرى لا تساوى اليمنى ؛ فترك القول فيها لتدخل تحت قوله تعالى : (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ). ثم يقع النظر فيها بدليل آخر.
الثالث ـ أن اليد باليد لا تفتقر إلى نظر ؛ والعين بالعين ، والأنف بالأنف ، والسن بالسن يفتقر إلى نظر ، وفيه إشكال يأتى بيانه إن شاء الله.
المسألة الثامنة ـ قوله تعالى : (وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) :
قرئ بالرفع والنصب ، فالنصب إتباع للفظه ومعناه ؛ والرفع ، وفيه وجهان :
أحدهما ـ أن يكون عطفا على حال النفس قبل دخول أن.
والثاني ـ أن يكون استئناف كلام. ولم يكن هذا مما كتب في التوراة ، والأول أصحّ.
المسألة التاسعة ـ قوله تعالى : (وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) :
لا يخلو أن يكون فقأها ، أو أذهب بصرها وبقيت صورتها ، أو أذهب بعض البصر.
وقد أفادنا كيفية القصاص منها علىّ بن أبى طالب كرم الله وجهه ، وذلك أنه أمر بمرآة فحميت ، ثم وضع على العين الأخرى قطنا ، ثم أخذت المرآة بكلبتين فأدنيت من عينه حتى سال إنسان عينه.
فلو أذهب رجل بعض بصره فإنه تعصب عينه وتكشف الأخرى ، ثم يذهب رجل بالبيضة ويذهب ويذهب حتى ينتهى بصر المضروب فيعلم ، ثم تغطّى عينه وتكشف الأخرى ، ثم يذهب رجل (١) بالبيضة ويذهب ويذهب ، فحيث انتهى البصر علم ، ثم يقاس كلّ واحد منهما بالمساحة ، فكيف كان الفضل نسب ، ويجب (٢) من الدية بحساب ذلك مع الأدب الوجيع والسجن الطويل ؛ إذ القصاص في مثل هذا غير ممكن ، ولا يزال هذا يختبر في مواضع مختلفة لئلا يتداهى المضروب فينقص من بصره ، ليكثر حظّه من مال الضارب ؛ ولا خلاف في هذا.
__________________
(١) في ل : الرجل.
(٢) في ل. ويحتمل.