المساواة بينه وبين الحر ؛ فلا يصحّ أن يؤخذ أحدهما بالآخر ؛ فإن العبد سلعة من السلع يصرّفه الحرّ كما يصرف الأموال.
المسألة الرابعة ـ قوله تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) يوجب قتل الرجل [الحر] (١) بالمرأة [الحرّة] (٢) مطلقا ؛ وبه قال كافّة العلماء.
وقال عطاء : يحكم بينهم بالتراجع ، فإذا قتل الرجل المرأة خيّر وليّها ، فإن شاء أخذ ديتها ، وإن شاء أعطى (٣) نصف العقل. وقتل الرجل. وعموم الآية يرد عليه. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : من قتل قتيلا فأهله بين خيرتين ، فإن أحبّوا أن يقتلوا أو يأخذوا العقل.
والمعنى يعضّده ؛ فإنّ الرجل إذا قتل المرأة فقد قتل مكافئا له في الدم ، فلا يجب فيه زيادة كالرجلين.
المسألة الخامسة ـ قال أحمد بن حنبل : لا تقتل الجماعة بالواحد ؛ لأنّ الله تعالى قال : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ).
قلنا : هذا عموم تخصه حكمته ؛ فإن الله سبحانه إنما قتل من قتل صيانة للأنفس عن القتل ، فلو علم الأعداء أنهم بالاجتماع يسقط القصاص عنهم لقتلوا عدوّهم في جماعتهم ، فحكمنا بإيجاب القصاص عليهم ردعا للأعداء ، وحسما لهذا الداء ، ولا كلام لهم على هذا.
المسألة السادسة ـ قال أصحاب الشافعى وأبى (٤) حنيفة : إذا جرح أو قطع اليد أو الأذن ثم قتل فعل به كذلك ؛ لأنّ الله تعالى قال : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ...) الآية ؛ فيؤخذ منه ما أخذ ، ويفعل به كما فعل.
وقال علماؤنا : إن قصد بذلك (٥) المثلة فعل به مثله ، وإن كان ذلك في أثناء مضاربته (٦) لم يمثّل به ؛ لأنّ المقصود بالقصاص إما أن يكون التشفّى ، وإما إبطال العضو. وأيّ ذلك كان فالقتل يأتى عليه. وهذا ليس بقصاص [ولا انتصاف] ؛ لأنّ المقتول تألم بقطع الأعضاء [كلها] وبالقتل ، فلا بدّ في تحقيق (٧) القصاص من أن يألم كما آلم ، وبه أقول.
__________________
(١) من ل.
(٢) في ا : أعطاها. والعقل : الدية.
(٣) في ل : وأبو حنيفة.
(٤) في ا : به.
(٥) في ل : مضاربة.
(٦) في ل : تخصيص.