المسألة العاشرة ـ قوله تعالى : (عَلَى الْمُتَّقِينَ) : فهذا يدلّ على كونه ندبا ؛ لأنه لو كان فرضا لكان على جميع المسلمين ، فلما خصّ الله تعالى من يتّقى ، أى يخاف تقصيرا ، دلّ على أنه غير لازم ، وقد بيّنا أنه يتصور أن تكون الوصية واجبة على المسلمين إذا كان عليه دين وما يتوقع تلفه إن مات فتلزمه فرضا المبادرة بكتبه ، ولكن ليس من هذه الآية ، وإنما هو من حديث ابن عمر ومما صحّ من النظر ، وأنه إن سكت عنه كان تضييعا له.
المسألة الحادية عشرة ـ قوله تعالى : (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ) ، يعنى سمعه من الموصى ، أو سمعه ممن ثبت به عنده ، وذلك عدلان.
المسألة الثانية عشرة ـ قوله تعالى [٤١] : (فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ).
المعنى أن الموصى بالوصية خرج عن اللوم وتوجّه (١) على الوارث أو الولىّ.
قال بعض علمائنا : وهذا يدلّ على أن الدّين إذا أوصى به الميت خرج عن ذمته وصار الولىّ مطلوبا به ، له الأجر في قضائه ، وعليه الوزر في تأخيره ؛ وهذا إنما يصح إذا كان الميت لم يفرّط في أدائه ، وأما إذا قدر عليه وتركه ، ثم وصّى به فإنه لا يزيله عن ذمته تفريط الولىّ فيه.
المسألة الثالثة عشرة ـ قوله تعالى : (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً).
الخطاب بقوله تعالى : (فَمَنْ خافَ) ، لجميع المسلمين ، قيل لهم : إن خفتم من موص ميلا في الوصية ، وعدولا عن الحقّ ، ووقوعا في إثم ، ولم يخرجها بالمعروف (٢) ، فبادروا إلى السّعى في الإصلاح بينهم ؛ فإذا وقع الصلح سقط الإثم على المصلح ، لأن إصلاح الفساد فرض على الكفاية ، فإذا قام به أحدهم سقط عن الباقين ، وإن لم يفعلوا أثم الكلّ.
قال علماؤنا ـ وهي :
المسألة الرابعة عشرة ـ وفي هذا دليل على الحكم بالظنّ ؛ لأنه إذا ظنّ قصد الفساد وجب
__________________
(١) في م : وتوجهت على الوارث والولي.
(٢) في القرطبي : وذلك بأن يوصى بالمال إلى زوج ابنته أو لولد ابنته لينصرف بالمال إلى ابنته ، أو إلى ابن ابنه ، والغرض أن ينصرف المال إلى ابنه ، أو أوصى لبعيد وترك القريب : ٢ ـ ٢٧٠