المسألة السابعة ـ في كيفية الوصية للوالدين والأقربين.
وقد اختلف الناس في ذلك اختلافا كثيرا ، لبابه ما صحّ عن ابن عباس رضى الله عنه أنه قال : كان المال للولد ، وكانت الوصية للوالدين ، فنسخ الله تعالى من ذلك ما أحبّ ، فجعل للذكر مثل حظّ الأنثيين ، وجعل للوالدين لكلّ واحد منهما السدس ، وفرض للزوج وللزوجة فرضيهما ؛ وهذا نصّ لا معدل لأحد عنه ، فمن كان من القرابة وارثا دخل مدخل الأبوين ، ومن لم يكن وارثا قيل له : إن قطعك من الميراث الواجب إخراج لك عن الوصية الواجبة ، ويبقى الاستحباب لسائر القرابة.
المسألة الثامنة ـ قوله تعالى : (بِالْمَعْرُوفِ) ، يعنى بالعدل الذي لا وكس فيه ولا شطط ؛ وقد كان ذلك موكولا إلى اجتهاد الميّت ونظر الموصى ، ثم تولّى الله تعالى تقدير ذلك على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لسعد (١) بن مالك : الثلث والثلث كثير ؛ فصار ذلك مقدارا شرعيا مبيّنا حكمه بقوله عليه السّلام : إن الله أعطاكم (٢) ثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في أعمالكم. وقد أخبرنا ابن يوسف من كتابه عن أبى ذرّ ، أخبرنا أحمد بن الحسن (٣) ابن أحمد بن محمد بن حفص القاضي الحيرى بشاغور قراءة عليه : أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب ابن يوسف ، حدثنا محمد بن عبد الملك ، أخبرنا عبد الله بن يوسف : سمعت طلحة بن عمر المكي ، سمعت عطاء بن أبى رباح ، سمعت أبا هريرة يقول : إنّ الله أعطاكم ثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في أعمالكم.
المسألة التاسعة ـ قوله تعالى : (حَقًّا) ، يعنى ثابتا ثبوت نظر وتخصيص ، لا ثبوت فرض ووجوب ، وهكذا ورد عن علمائنا حيث جاء في كتاب الله تعالى أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتحقيقه أنّ الحق في اللغة هو الثابت ، وقد ثبت المعنى في الشريعة ندبا ، وقد ثبت فرضا ، وكلاهما صحيح في المعنى.
__________________
(١) في ا : سعد. وفي ق : فقال عليه السّلام. والمثبت من م. وانظر مسلم ، صفحة ١٢٥٠ وما بعدها.
(٢) الرواية في القرطبي : إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة لكم في حسناتكم ليجعلها لكم زكاة. وفي ابن ماجة : إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم (صفحة ٩٠٤).
(٣) في م : الحسين.