والكفارة وجبت زجرا عن التقصير والحذر في جميع الأمور.
المسألة الثامنة ـ الدّية مائة من الإبل في تقدير الشريعة ، وبإجماع الأمّة ؛ فإن عدمت الإبل فاختلف العلماء ؛ فقال مالك : من الدراهم على أهل الورق اثنا عشر ألف درهم ، ومن الذهب ألف دينار ، وليست في غيرهما.
وقال أبو حنيفة : عشرة آلاف درهم. وقال الشافعى : الواجب منه الإبل كيف تصرّفت ، فإنها الأصل ؛ فإذا عدمت وقت الوجوب فحينئذ ينظر في بدلها وهو القيمة بحساب الوقت ، كما في كلّ واجب في الذمة يتعذّر أداؤه.
ودليلنا أنّ عمر بن الخطاب قوّمها بمحضر من الصحابة ذهبا وورقا ، وكتب به إلى الآفاق ؛ ولا مخالف ؛ ولا ينبغي أن يكون ؛ فإنّ بلدا لم يكن قطّ به إبل لا سبيل إلى تقويمها فيه ، فعلمت الصحابة ذلك فقدّرت نصيبها (١) ، واعتبرتها في كل بلد بالذهب والفضة ؛ إذ لا يخلو بلد منهما.
وقال أبو حنيفة ، في تقديرها : عشرة آلاف درهم ، فبناها على نصاب الزكاة ، وعمر مع الصحابة قد علموا نصاب الزكاة حين قدّروها باثنى عشرة ألف درهم ، وقد بينا المعنى في نصاب الزكاة في مسائل الخلاف ، وهو بديع ، فلينظر فيه من أراد تمام العلم به.
المسألة التاسعة ـ هي في الإبل أخماس (٢) : بنات مخاض ، وبنات لبون ، وبنو لبون ، وحقاق ، وجذاع.
وقال أبو حنيفة : هي أخماس ، إلا أنّ منها بنى مخاض دون بنى لبون.
ودليلنا أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم ذكر دية الخطأ أخماسا ، فقال : عشرون بنى لبون ، ولم يذكر بنى مخاض ، أخرجه أبو داود كوفيا من طريق ابن مسعود ؛ فلا كلام لهم عليه ، ولا معنى معهم ؛ لأنّ ما ذكروه شيء لا يجب في الزكاة فلم يجب في الدّية كالثنايا.
المسألة العاشرة ـ وهي مؤجّلة في ثلاثة أعوام ، كذلك قضى عمر وعلىّ ، وهي ضرورة ؛ لأنّ الإبل قد تكون في وقت الوجوب حوامل فيضرّ به ، ولا يجوز العدول إلى غير ما قال
__________________
(١) في ا : نصبها.
(٢) في ابن كثير (١ ـ ٥٣٥) : عن ابن مسعود : قضى رسول الله في دية الخطأ عشرين بنت مخاض وعشرين بنى مخاض ذكور وعشرين بنت لبون وعشرين جذعة وعشرين حقة.