فأما هذا الحديث
فقد تكلمنا عليه في شروحات الحديث بما فيه كفاية ، وليس يعارض الآية كلّ المعارضة
، لأنّ فيه ثلث الأجر ، وهذا عظيم ؛ وإذا لم يعارضها فليؤخذ تمامه من غير هذا
الكتاب.
وأما الحديث الأول
فقد قيل فيه : إنّ «أو» بمعنى الواو ؛ لأنّ الله سبحانه يجمع له الأجر
والغنيمة ، فما أعطى الله الغنائم لهذه الأمة محاسبا لها بها من ثوابها ، وإنما
خصّها بها تشريفا وتكريما لها ؛ لحرمة نبيها. قال النبي صلّى الله عليه وسلّم : جعل رزقي تحت ظلّ رمحي. فاختار الله لنبيه ولأمّته فيما يرتزقون أفضل وجوه الكسب
وأكرمها ، وهو أخذ القهر والغلبة.
وقيل : إنّ معناه
الذي يغنم قد أصاب الحظّين ، والذي يخفق له الحظّ الواحد وهو الأجر ، فأراد النبىّ صلّى الله عليه
وسلّم أن يقول : مع ما نال من أجر وحده أو غنيمة مع الأجر ، والله عزّ وجلّ أعلم.
الآية التاسعة
والثلاثون ـ قوله تعالى : (وَما لَكُمْ لا
تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ
وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ
الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ
لَدُنْكَ نَصِيراً).
الآية فيها مسائل
:
الأولى ـ قال
علماؤنا : أوجب الله سبحانه في هذه الآية القتال ؛ لاستنقاذ الأسرى من يد العدوّ
مع ما في القتال من تلف النفس ، فكان بذل المال في فدائهم أوجب ، لكونه دون النفس
وأهون منها.
وقد روى الأئمة
أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : أطعموا
الجائع وعودوا المريض وفكّوا العاني.
وقد قال مالك :
على الناس أن يفدوا الأسارى بجميع أموالهم ؛ ولذلك قالوا : عليهم
__________________