المسألة السادسة عشرة ـ قوله تعالى (غَيْرَ مُسافِحِينَ) ، يعنى غير زانين ، والسفاح اسم للزّنا ، سمّى به لأنه يسفح الماء أى يصبّه ، والسفح الصبّ ، والنكاح سفاح اشتقاقا ؛ لأنّ في كل واحد منهما الجمع والضمّ ، وصبّ الماء ؛ ولكن الشريعة واللغة خصّصت كلّ واحد باسم من معنى مطلقه ؛ للتعريف به (١) على عادتها فيما تطلقه من بعض ألفاظها على المعاني المشتركة فيها.
المسألة السابعة عشرة ـ قوله تعالى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ) :
فيه قولان :
أحدهما ـ أنه أراد استمتاع النكاح المطلق ؛ قاله جماعة منهم الحسن ومجاهد وإحدى روايتي ابن عباس.
الثاني ـ أنه متعة النساء بنكاحهنّ إلى أجل ؛ روى عن ابن عباس أنه سئل عن المتعة فقرأ : فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمى. قال ابن عباس : والله لأنزلها الله كذلك (٢).
وروى عن حبيب بن أبى ثابت قال : أعطانى ابن عباس مصحفا ، وقال : هذا قراءة أبىّ ، وفيه مثل ما تقدم ، ولم يصحّ ذلك عنهما ؛ فلا تلتفتوا إليه ؛ وقول الله تعالى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ) ، يعنى بالنكاح الصحيح.
أما إنه يقتضى بظاهره أنّ الصداق إذا لم يسمّ في العقد وجب بالدخول ، وقد تقدم بيانه في التفويض ، وأما متعة النساء فهي من غرائب الشريعة ؛ لأنها أبيحت في صدر الإسلام ثم حرمت يوم خيبر ، ثم أبيحت في غزوة أوطاس ، ثم حرمت بعد ذلك ، واستقرّ الأمر على التحريم ، وقد بينا ذلك في شرح الحديث بيانا يشفى الصدور.
المسألة الثامنة عشرة ـ قوله تعالى : (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) ؛ سماه في هذه الآية أجرا ، وسمّاه في الآية الأولى في أول (٣) السورة نحلة ، وقد تكلّمنا على تلك الآية ، وكانت الفائدة بهذا ـ والله أعلم ـ البيان لحال الصّداق ، وأنه من وجه نحلة ومن وجه عوض.
والصحيح أنه عوض ، ولذلك قال مالك : النكاح أشبه شيء بالبيوع ، لما فيه من
__________________
(١) في ل : فيه.
(٢) في ل : لأنزلها سبحانه كذلك.
(٣) في الآية الرابعة من سورة النساء : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) ......