بحديث ميمونة المختلف فيه. والمسألة عظيمة قد بيناها في مسائل الخلاف.
وأما نكاح المريض (١) فمن مسائل الخلاف ؛ ومنعه مالك وجوّزه أبو حنيفة والشافعى ؛ وقد بيناه في موضعه ؛ وكذلك اليتيمة الصغيرة لا تزوّج بحال عندنا وعند الشافعى ، وقال أبو حنيفة : يزوّجها وليّها ، ولها الخيار إذا بلغت ؛ فأفسد ما بنى وجعل حلا مترقبا ، وهي طيولية قد ذكرناها في التخليص وغيره.
فهذه جمل من المحرّمات ثبتت في الشريعة بأدلّتها وخصّت من قوله : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ). وتركب على هذا ما إذا زنى بامرأة ، هل يثبت زناه حرمة في فروعها وأصولها؟ عن مالك في ذلك روايتان ودع من روى ، وما روى. أقام مالك عمره كلّه يقرأ عليه الموطّأ ويقرؤه لم يختلف قوله فيه : إنّ الحرام لا يحرّم الحلال ، ولا شك في ذلك ، وقد بيّناها في مسائل الخلاف ، والله أعلم.
المسألة الثانية عشرة ـ قوله تعالى : (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ) يعنى بالنكاح أو بالشراء ، فأباح الله الحكيم الفروج بالأموال والإحصان دون السفاح وهو الزنا ؛ وهذا يدلّ على وجوب الصّداق في النكاح ، لكن رخص في جواز السكوت عنه عند العقد كما تقدم في التفويض (٢) في سورة البقرة ، وقد حقّقناه هنالك في مسائل الخلاف.
المسألة الثالثة عشرة ـ قال الله سبحانه : (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ) مطلقا ، فتعلّق الشافعىّ بهذا الإطلاق في جواز الصداق بكلّ قليل وكثير ، وعضد ذلك بحديث الموهوبة في الصحيح في قوله صلّى الله عليه وسلّم (٣) : التمس ولو خاتما من حديد.
ولنا فيه طرق ؛ أقواها أنّ الله تبارك وتعالى لمّا حرّم استباحة هذا العضو وهو البضع إلّا ببدل وجب أن يتقرّر ذلك البدل ؛ بيانا لخطره وتحقيقا لشرفه ، لا سيما وهو حقّ الله تعالى ؛ وحقوق الله مقدّرة كالشهادات والكفّارات والزكاة و [نصب] (٤) السرقة والديات.
وقد مهّدنا ذلك في مسائل الخلاف ؛ فوجب أن يتخصّص هذا الإطلاق بهذه الأدلة ، لا سيما ومساق هذا اللفظ إيجاب البدل ، وليس المقصود الإشارة بعمومه.
__________________
(١) في ا : المرض.
(٢) في ل : التعويض.
(٣) صحيح مسلم : ١٠٤١
(٤) ليس في ل.