وأما من قال : إنهنّ جميع النساء إلا أربع فدعوى أنّ هذه الآية نزلت بعد الآية الأولى في ابتداء السورة في الأربع ؛ فإن ثبت ذلك تعذّر ذلك له لفظا وبطل معنى ، على ما نبيّنه إن شاء الله تعالى. وقول مجاهد مقدّر بنوع ونحو مما تقدم.
وأما من قال : إنهن الحرائر فيكون تقدير الآية : وحرّمنا عليكم الحرائر من النساء ، وأحللنا لكم ما ملكت أيمانكم.
المسألة السابعة ـ في الاعتراض على الأقوال :
أما من خصّصها في بعض النساء فيعترض عليه أنّ البعض يبقى حلّا ، والآية إنما جاءت لبيان المحرمات والمحللات منهن ، فإن بقي من الأزواج له من الحرائر أو من المسلمات أو كلّ تأويل يقتضى بقاء بعضهن فذلك بعيد في التأويل مفسّر للتنزيل.
وأما من عمّم جميع المسائل إلا الأربع فمبنى على دعوى لا برهان عليها.
وأما من عمّم في الكل فهو الصحيح ، ويقع الاستثناء بقوله : (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) في الإماء أو في الزوجة والأمة ؛ وهذا موضع الإشكال العظيم.
المسألة الثامنة ـ في المختار :
وهذا المشكل هو الذي ملنا إليه قديما وحديثا ، وذلك أنّ من قال : إنّ قوله : (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) راجع إلى الشراء والنكاح فيعترض (١) عليه بقوله تعالى (٢) : (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) ، فقد ميّز بينهما ، ولم يطلق قطّ أحد من أرباب الشريعة على الحرّة في ملك النكاح بأنها ملك اليمين ؛ فإنها تملك منه ما يملك منها ، أما إنّه (٣) له عليها درجة ، ولكن نقول : إنّ قوله : (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) يرجع إلى الإماء ، وقوله : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) يرجع إلى من عدا (٤) المنصوص على تحريمهنّ.
وأما من قال : إنها في الإماء كلهنّ ، فإنّ ملك الأمة المتجدّد على النكاح (٥) يبطله ، فموضع إشكال عظيم ، ولأجله تردّد فيه أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم ، بيد أنّ الظاهر أن ملكا
__________________
(١) في ا : يعترض.
(٢) سورة المؤمنون ، آية ٦
(٣) هكذا في كل الأصول.
(٤) في ل : إلى ما عدا.
(٥) في م : المتجرد عن النكاح. والمثبت في ل.