عليه وسلّم ؛ فأنزل الله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ). وقد خرج عن أبى الخليل مسلم والبخاري.
المسألة الثانية ـ قوله : (وَالْمُحْصَناتُ) :
بناء (ح ص ن) على المنع ، ومنه الحصن ؛ لكن يتصرّف بحسب متعلقاته وأسبابه ؛ فالإسلام حصن ، والحرية حصن ، والنكاح حصن ، والتعفف حصن ؛ قال الله تعالى (١) : (فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ) ؛ وهو الإسلام. وقال تعالى (٢) : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ، فهن الحرائر.
وقال تعالى (٣) : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) هنّ العفائف.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : أحصنت؟ يعنى تزوّجت؟ قال : نعم. وقال صلّى الله عليه وسلّم : أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ، من أحصن (٤) منهم ومن لم يحصن. خرجه مسلم.
وتصريفه غريب ؛ يقال : أحصن الرجل فهو محصن (٥) ـ بفتح العين في اسم الفاعل ، وأسهب في الكلام فهو مسهب إذ أطال القول فيه ، وألفج فهو ملفج إذ كان عديما ، ولا رابع لها. والله أعلم.
المسألة الثالثة ـ في إشكالها :
قال سعيد بن جبير : كان ابن عباس لا يعلمها. وقال مجاهد : لو أعلم أحدا يفسّر هذه الآية لضربت إليه أكباد الإبل ، وذلك لا يدريه إلّا من ابتلى بالقرآن ومعانيه ، وتصدّى لضمّ منتشر (٦) الكلام ، وترتيب وضعه ، وحفظ معناه من لفظه.
المسألة الرابعة ـ في سرد الأقوال :
الذي تحصل عندي فيه ستة أقوال :
الأول ـ أنّ المحصنات ذوات الأزواج ؛ قاله ابن عباس ، وابن مسعود ، وابن المسيب وغيرهم. وقاله مالك واختاره.
الثاني ـ ذوات الأزواج من المشركين ؛ قاله على وأنس وغيرهما.
__________________
(١) سورة النساء ، آية ٢٤
(٢) سورة المائدة ، آية ٥
(٣) سورة النور ، آية ٤.
(٤) أحصن الرجل : تزوج.
(٥) في اللسان : المحصن ـ بالفتح ـ يكون بمعنى الفاعل والمفعول. وفي المصباح : واسم الفاعل من أحصن ـ إذا تزوج ـ محصن ـ بكسر محصن على القياس ، قاله ابن القطاع. ومحصن ـ بالفتح ـ على غير قياس. وارجع إلى اللسان في مادة (سهب) تجد تفصيل الحديث عن هذه الأفعال الثلاثة
(٦) في ا : نثر.