تعلّق أبو حنيفة به في تحريم نكاح الأخت في عدّة الأخت ، والخامسة في عدّة الرابعة ، وقال : إن هذا محرّم بعموم القرآن ؛ لأنه إن لم يكن جمعا في حلّ فهو جمع في حبس بحكم من أحكام الفرج ، وهو إذا تزوّج أختها فقد حبس المتزوّجة بحكم من أحكام النكاح ، وهو الحلّ والوطء ، وقد حبس أختها بحكم من أحكام النكاح ، وهو استبراء الرحم لحفظ النسب ، فحرم (١) ذلك بالعموم ؛ وهي من مسائل الخلاف الطيولية ، وقد مهدنا القول فيها هنالك.
والذي نجتزى به الآن أنّ الله سبحانه نهاه عن أن يجمع ؛ وهذا ليس بجمع منه ، لأنّ النكاح اكتسبه ، والعدّة ألزمته ، فالجامع بينهما هو الله سبحانه بخلقه (٢) ، وليس للعبد في هذا الجمع كسب يرجع النهى بالخطاب إليه.
المسألة الثالثة عشرة ـ قوله تعالى : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ).
ليس هذا من مثل [قوله] (٣) : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) في نكاح منكوحات الآباء ؛ لأنّ ذلك لم [١٣٩] يكن قطّ بشرع ؛ وإنما كانت جاهلية جهلاء وفاحشة شائعة ؛ ونكاح الأختين كان شرعا لمن قبلنا فنسخه الله عزّ وجل فينا (٤).
الآية التاسعة عشرة ـ قوله تعالى (٥) : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ ، وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ، وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً).
فيها إحدى وعشرون مسألة :
المسألة الأولى ـ في سبب نزولها (٦) :
روى أبو الخليل صالح بن أبى مريم الضبعي عن أبى سعيد الخدري قال : أصبنا سبايا يوم أوطاس (٧) لهنّ أزواج في قومهن ، فكرهتهنّ رجال ، فذكروا ذلك إلى رسول الله صلّى الله
__________________
(١) في ل : فيحرم.
(٢) في ا : بحلمه.
(٣) ليس في ل.
(٤) هنا آخر القسم الأول :
تم الجزء الأول من الأحكام للشيخ الإمام حجة الإسلام أبى بكر بن العربي رحمه الله. ووافق الفراغ من نسخه العشرين من شهر شعبان من شهور سنة ست وثلاثين وسبعمائة ، والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم. نقلته من نسخة عبد الله بن هبة الله بن إسماعيل المالكي عفا الله عنهما.
(٥) الآية الرابعة والعشرون.
(٦) ابن كثير : ٤٧٣ ، وأسباب النزول : ٨٠
(٧) أوطاس : واد في ديار هوازن ، فيه كانت وقعة حنين للنبي صلّى الله عليه وسلّم ببني هوازن.