كذلك تحجر التهمة الإقرار (١) ، وكما ردّت التهمة الشهادة [١٢٤] أيضا.
وأما نظر أبى حنيفة إلى صورة القرابة ففيه إلغاء العلّة في غير محلها وقصر لها على موردها. وينبغي أن تطّرد العلة حيث وجدت ما لم يقف دونها دليل تخصيص ، فعلى هذا إذا وجدنا التهمة في غير القريب من صديق ملاطف حكمنا ببطلان الإقرار ، وكم من صديق ألصق من قريب وأحكم عقدة في المودّة.
(تكملة) ـ لما ذكر الله تعالى في هذه الآية فرائض السهام ، وبقيت بعد ذلك من الأموال بقية مسكوت عنها في كتاب الله عزّ وجلّ بيّنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال في الحديث الصحيح (٢) : ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقته الفرائض فلأولى عصبة ذكر؛ فلأجل ذلك قدم الأقعد في العصبة على الأبعد ، كالأخ من الأب والأم يقدم على الأخ للأب ، وابن الأخ من الأب والأم على ابن الأخ للأب ، ويقدم الأخ للأب على ابن الأخ للأب والأم ، هكذا أبدا.
(تخصيص) ـ قال الله سبحانه (٣) : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) الفرائض إلى آخرها بسهامها ومستحقيها ، ثم ثبت في الصحيح المتفق عليه أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلّم قال (٤) : لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم. فخرج من هذا العموم توارث الكفّار والمسلمين ، فلا يرث كافر مسلما ، ولا يحجبه.
وقال ابن مسعود : هو ـ وإن كان لا يرث ـ فإنه يحجب ، وهذا ضعيف ؛ فإنّ المذكور في قوله (٥) : (وَلِأَبَوَيْهِ) هو المذكور في (٦) : (إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ) فكما أن قوله : (وَلِأَبَوَيْهِ) لم يدخل فيه الكفار ؛ كذلك قوله : (إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ) لا يدخل فيه الكافر.
تحقيقه أنّ الشريعة جعلته في باب الإرث وإن كان موجودا كالمعدوم ، كذلك في باب الحجب فإنه أحد حكمى الميراث ؛ فلا يؤثر فيه الكافر ، أو لا يتعلق بالكافر أصله الميراث ، والتعليل بالحجب معضّد لهذه الأقسام في الأبواب.
قال علماؤنا : الأسباب التي يستحقّ بها الميراث ثلاثة أسباب : نكاح ، ونسب ، وولاء.
فأما النكاح والنسب فهو نصّ القرآن ، وبه قال الشافعى. وقال أبو حنيفة. يستحقّ
__________________
(١) في ل : والإقرار.
(٢) صحيح مسلم : ١٢٣٣
(٣) الآية ١١ من سورة النساء ، وقد تقدمت.
(٤) صحيح مسلم : ١٢٣٤