كلّ واحد منهما من صاحبه فيقلّ في العادة خوف التنازع إلّا بأسباب عارضة ، ونبه الشرع على هذه المصالح في حالتي النسيئة والنقد.
المسألة التاسعة والثلاثون ـ قوله تعالى : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها) يدلّ على سقوط الإشهاد في النقد ، وأنّ قوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) أمر إرشاد ، ويدلّ على أن عليه جناحا في ترك الإشهاد في الدّين من دليل الخطاب.
ونحن لا نقول به في هذا النوع ، وقد بينّاه في أصول الفقه ومسائل الخلاف.
والجناح هاهنا ليس الإثم ، إنما هو الضرر الطارئ بترك الإشهاد من التنازع.
المسألة الموفية أربعين ـ اختلف الناس في لفظ أفعل في قوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) على قولين :
أحدهما ـ أنه فرض ؛ قاله الضحاك.
الثاني ـ أنه ندب ؛ قاله الكافّة ؛ وهو الصحيح ؛ فقد باع النبىّ صلّى الله عليه وسلّم وكتب ونسخة كتابه (١) :
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما اشترى العدّاء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، اشترى منه عبدا أو أمة لا داء ولا غائلة ولا خبثة (٢) ، بيع المسلم للمسلم.
وقد باع ولم يشهد ، واشترى ورهن (٣) ، درعه عند يهودي ولم يشهد ، ولو كان الإشهاد أمرا واجبا لوجب مع الرّهن لخوف المنازعة.
المسألة الحادية والأربعون ـ قوله تعالى : (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ).
فيه ثلاثة أقوال :
الأول ـ أن يكتب الكاتب ما لم يملّ عليه ، ويشهد الشاهد بما لم يشهد عليه ؛ قاله قتادة والحسن وطاوس.
الثاني ـ يمتنع الكاتب أن يكتب ، والشاهد أن يشهد ؛ قاله ابن عباس ومجاهد وعطاء.
__________________
(١) ابن ماجة : ٧٥٦
(٢) أراد بالخبثة الحرام ، أى أنه عبد رقيق لا أنه من قوم لا يحل سبيهم (النهاية). والغائلة : سكوت البائع عما يعلم في المبيع من مكروه.
(٣) ابن ماجة : ٨١٥