يعنى أدعى إلى ثبوتها ؛ لأنه إذا أشهد ولم يكتب ربما نسى الشاهد.
المسألة الخامسة والثلاثون ـ قوله تعالى : (وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا) بالشاهد إذا نسى أو قال خلاف ما عند المتداينين.
المسألة السادسة والثلاثون ـ قوله تعالى : (أَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ) دليل على أنّ الشاهد إذا رأى الكتاب فلم يذكر الشهادة لا يؤدّيها ؛ لما دخل عليه من الريبة فيها ولا يؤدّى إلّا ما يعلم ، لكنه يقول هذا خطّى ، ولا أذكر الآن ما كتبت فيه.
وقد اختلف فيه علماؤنا على ثلاثة أقوال.
الأول ـ قال في المدوّنة : يؤديها ولا ينفع ذلك (١) في الدين والطلاق.
الثاني ـ قال في كتاب محمد : لا يؤديها. الثالث ـ قال مطرف : يؤدّيها وينفع إذا لم يشك في كتاب ، وهو الذي عليه الناس ؛ وهو اختيار ابن الماجشون والمغيرة.
وقد قرّرناه في كتب المسائل ، وبيّنا تعلّق من قال : إنه لا يجوز ؛ لأنّ خطّه فرع عن علمه ، فإذا ذهب علمه ذهب نفع خطّه ، وأجبنا بأنّ خطه بدل الذكرى ، فإن حصلت وإلّا قام مقامها.
المسألة السابعة والثلاثون ـ قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ).
قال الشعبي : البيوع ثلاثة : بيع بكتاب وشهود. وبيع برهان. وبيع بأمانة ؛ وقرأ هذه الآية ؛ وكان ابن عمر إذا باع بنقد أشهد ، وإذا باع بنسيئة كتب وأشهد ، وكان كأبيه وقّافا عند كتاب الله تعالى مقتديا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
المسألة الثامنة والثلاثون ـ ظنّ من رأى الإشهاد في الدّين واجبا أنّ سقوطه في بيع النقد رفع للمشقّة لكثرة تردده.
والظاهر الصحيح أن الإشهاد ليس واجبا ، وإنما الأمر به أمر إرشاد للتوثق والمصلحة ، وهو في النسيئة محتاج إليه لكون العلاقة بين المتعاقدين باقية ؛ توثقا لما عسى أن يطرأ من اختلاف الأحوال وتغيّر القلوب ، فأما إذا تفاصلا في المعاملة وتقابضا ، وبانّ
__________________
(١) في ا : يؤديها ولا ينفع وذلك. والمثبت من ل.