به في كل زمن ، وفهمته كلّ أمة. ومن أمثال العرب : في بيته يؤتى الحكم.
المسألة الموفية ثلاثين ـ كيفما ترددت الحال بالأقوال فهذا دليل على خروج العبد من جملة الشهداء ؛ لأنه لا يمكنه أن يجيب ، ولا يصحّ له أن يأبى ؛ لأنه لا استقلال له بنفسه ؛ وإنما يتصرّف بإذن غيره ، فانحطّ عن منصب الشهادة كما انحطّ عن منصب الولاية ، نعم وكما انحط عنه فرض الجمعة ، وقد بيّناه في مسائل الخلاف.
المسألة الحادية والثلاثون ـ قال علماؤنا : هذا في حالة الدعاء إلى الشهادة ، فأما من كانت عنده شهادة لرجل لم يعلم بها مستحقّها الذي ينتفع بها فقال قوم : أداؤها ندب ؛ لقوله تعالى : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا) ، ففرض الله تعالى عليه الأداء عند الدعاء ، وإذا لم يدع كان ندبا ؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم (١) : خير الشهود الذي يأتى بشهادته قبل أن يسألها.
والصحيح عندي أنّ أداءها فرض ، لما ثبت عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه قال : انصر أخاك ظالما أو مظلوما. فقد تعيّن نصره بأداء الشهادة التي هي عنده ؛ إحياء لحقّه الذي أماته الإنكار.
المسألة الثانية والثلاثون ـ قوله تعالى : (وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ).
هذا تأكيد من الله تعالى في الإشهاد بالدّين ، تنبيها لمن كسل ، فقال : هذا قليل لا أحتاج إلى كتبه والإشهاد عليه ، لأنّ أمر الله تعالى فيه والتخصيص عليه واحد ، والقليل والكثير في ذلك سواء.
قال علماؤنا : إلّا ما كان من قيراط ونحوه لنزارته وعدم تشوّف النفوس إليه إقرارا أو إنكارا.
المسألة الثالثة والثلاثون ـ قوله تعالى : (ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ).
يريد أعدل ، يعنى أن يكتب القليل والكثير ويشهد عليه بالعدل عموم ذلك فيه.
المسألة الرابعة والثلاثون ـ قوله تعالى : (أَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ).
__________________
(١) مسلم : ١٣٤٤ ، وابن ماجة : ٧٩٢