المسألة الرابعة والعشرون ـ هذا القول يقتضى ألّا تقبل شهادة ولد لأبيه ، ولا أب لولده. قال مالك : ولا كل ذي نسب أو سبب يفضى إلى وصلة تقع بها التهمة ، كالصداقة والملاطفة والقرابة الثابتة.
وفي كلّ ذلك بين العلماء تفصيل واختلاف ، بيانه في إيضاح دلائل مسائل الخلاف ، بيانه في إلزام وصف الرضا المشاهد في هذه الآية الذي أكّده بالعدالة في الآية الأخرى ، فقال تعالى (١) : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) ، ولا يجتمع الوصفان حتى تنتفى التهمة. والله أعلم.
المسألة الخامسة والعشرون ـ إذا شرط الرضا والعدالة في المداينة فاشتراطها في النكاح أولى ، خلافا لأبى حنيفة حيث قال : إنّ النكاح ينعقد بشهادة فاسقين ، فنفى الاحتياط المأمور به في الأموال عن النكاح ، وهو أولى لما يتعلّق به من الحلّ والحرم والحدّ والنّسب.
المسألة السادسة والعشرون ـ قوله تعالى : (فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى).
فيه تأويلان وقراءتان : إحداهما ـ أن تجعلها ذكرا ، وهذه قراءة التخفيف.
الثاني ـ أن تنبهها إذا غفلت وهي قراءة التثقيل ؛ وهو التأويل الصحيح ، لأنه يعضده قوله تعالى : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما). والذي يصحّ أن يعقب الضلال والغفلة الذكر ، ويدخل التأويل الثاني في معناه.
فإن قيل : فهلّا كانت امرأة واحدة مع رجل فيذكّرها الرجل الذي معها إذا نسيت ؛ فما الحكمة فيه؟
فالجواب فيه أن الله سبحانه شرع ما أراد ، وهو أعلم بالحكمة وأوفى بالمصلحة ، وليس يلزم أن يعلم الخلق وجوه الحكمة وأنواع المصالح في الأحكام ، وقد أشار علماؤنا أنه لو ذكّرها إذا نسيت لكانت شهادة واحدة ، فإذا كانت امرأتين وذكّرت إحداهما الأخرى كانت شهادتهما شهادة رجل واحد ، كالرجل يستذكر في نفسه فيتذكّر.
المسألة السابعة والعشرون ـ قوله تعالى : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) فكرّر قوله : إحداهما ، وكانت الحكمة فيه أنه لو قال : أن تضلّ إحداهما
__________________
(١) سورة الطلاق ، آية ٢