والظاهر أنه يعود على الذي عليه الحق ؛ لأنه صاحب الولىّ في الإطلاق ، يقال : ولىّ السفيه وولىّ الضعيف ، ولا يقال ولىّ الحق ، إنما يقال صاحب الحق.
وهذا يدلّ على أن إقرار الوصىّ جائز على يتيمه ؛ لأنه إذا أملى فقد نفذ قوله فيما أملاه.
المسألة العاشرة ـ إذا ثبت هذا فإن تصرّف السفيه المحجور دون ولىّ فإنّ التصرف فاسد إجماعا مفسوخ أبدا ، لا يوجب حكما ولا يؤثر شيئا. وإن تصرّف سفيه لا حجر عليه فاختلف علماؤنا فيه ؛ فابن القاسم يجوّز فعله ، وعامة أصحابنا يسقطونه.
والذي أراه من ذلك أنه إن تصرّف بسداد نفذ ، وإن تصرّف بغير سداد بطل.
وأما الضعيف فربما بخس في البيع وخدع ، ولكنه تحت النظر كائن ، وعلى الاعتبار موقوف.
وأما الذي لا يستطيع أن يملّ فلا خلاف في جواز تصرفه.
وظاهر الآية يقتضى أنّ من احتاج منهم إلى المعاملة عامل ، فمن كان من أهل الإملاء أملى عن نفسه ، ومن لم يكن أملى عنه وليّه ؛ وذلك كله بيّن في مسائل الفروع.
المسألة الحادية عشرة ـ قوله تعالى : (وَاسْتَشْهِدُوا) :
اختلف الناس هل هو فرض أو ندب؟ والصحيح أنه ندب كما يأتى إن شاء الله تعالى.
المسألة الثانية عشرة ـ قوله تعالى : (شَهِيدَيْنِ).
رتّب الله تعالى الشهادات بحكمته في الحقوق المالية والبدنية والحدود ، فجعلها في كل فنّ شهيدين ، إلا في الزّنا فإنه قرن ثبوتها بأربعة شهداء ؛ تأكيدا في الستر ، على ما يأتى بيانه في سورة النور إن شاء الله.
المسألة الثالثة عشرة ـ قوله تعالى : (مِنْ رِجالِكُمْ).
قال مجاهد : أراد من الأحرار. واختاره القاضي أبو إسحاق وأطنب فيه.
وقيل : المراد به من المسلمين ؛ لأنّ قوله تعالى : (مِنَ الرِّجالِ) كان يغنى عنه ، فلا بدّ لهذه الإضافة من خصيصة ، وهي إما أحراركم وإما مؤمنوكم ؛ والمؤمنون به أخصّ من الأحرار ؛ لأنّ هذه الإضافة هي إضافة الجماعة ، وإلا فمن هو الذي يجمع الشتات وينظم الشمل النظم الذي يصحّ منه الإضافة.