الفرض عليهن ، وقد قال عمر وابن عمر : لا يحججن ؛ وقد كان عمر رضى الله عنه يردّ المعتدّات من البيداء يمنعهنّ الحجّ ؛ فرأى عمر في الخلفاء ورأى مالك في العلماء وغيرهم أنّ عموم فرض التربّص في زمن العدّة مقدّم على عموم زمان فرض الحج ، لا سيما إن قلنا إنّه على التراخي. وإن قلنا على الفور فحقّ التربّص آكد من حق الحج ؛ لأنّ حقّ العدة لله تعالى ثم للآدمي في صيانة مائه وتحرير نسبه ؛ وحقّ الحج خاصّ لله سبحانه.
الثالث ـ خروجها بالنهار للتصرف ورجوعها بالليل ؛ قاله ابن عمر وغيره ، ويكون خروجها في السحر ورجوعها عند النوم ، فراعوا المبيت الذي هو عمدة السكنى ومقصوده ، وإليه ترجع حقيقة المأوى.
فإن قيل ، وهي :
المسألة السادسة ـ لم ير أحد مبيت ليلة أو ثلاث (١) سكنى للبائت حيث بات ، ولا خروجا عن السكنى ، فما بالهم في العدّة قالوا : خروج ليله خروج؟
قلنا : المعنى فيه ـ والله أعلم ـ أنّ حقّ الخروج متعلّق المبيت فاحتيط له* والحي يحمى* شوله (٢) معقولا* فلم يعتبر ذلك فيه.
المسألة السابعة ـ الآية عامة في كل متزوّجة ، مدخول بها أو غير مدخول بها ، صغيرة أو كبيرة ، أمة أو حرّة ، حامل أو غير حامل كما تقدم. وهي خاصّة في المدة ؛ فإن كانت أمة فتعتدّ نصف عدّة الحرة إجماعا ، إلا ما يحكى عن الأصم ، فإنه سوّى فيه بين الحرّة والأمة ، وقد سبقه الإجماع ، لكن لصممه لم يسمع به ، وإذا انتصف فمن العلماء من قال : إنها شهران وخمس ليال ، وهو مالك ، ورأيت لغيره ما لم أرض أن أحكيه.
المسألة الثامنة ـ إذا مات الزوج ولم تعلم المرأة بذلك إلّا بعد مضىّ مدة العدة فمذهب الجماعة أنّ العدّة قد انقضت ، ويروى عن علىّ أنّ العدّة من يوم علمت ، وبه قال الحسن. وقال نحوا منه عمر بن عبد العزيز والشعبي إن ثبت الموت ببيّنة.
ووجهه أن العدّة عبادة بترك الزينة ، وذلك لا يصح إلا بقصد ، والقصد لا يكون إلّا
__________________
(١) في ل : وثلاثا.
(٢) الشائلة من الإبل : التي أتى عليها من حملها أو وضعها سبعة أشهر ، فجف لبنها ، والجمع شول.